للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض وتنص هذه القاعدة على أن للمسلمين هدفاً أولاً وأكبر هو إقامة الحكومة الإسلامية أو الخلافة وتعبيد الأرض لله، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الأعظم قد تقتضي الضرورة التخلي عن جزء من الحق إذا تعارض مع الهدف الأول للجماعة المسلمة لاسيما في مرحلة الاستضعاف، حين تكون الحاجة ماسة لتلك القاعدة، وحيث لا نكاد نقوم بفريضة إلا على حساب أخرى، فلابد من إجراء المفاضلة بين الفرائض على أساس تقديم الأهم أو ما يحقق مصلحة الجماعة أو يدفع الأذى عنها (١). وتبعاً لهذا أمروا أفراد جماعتهم بحلق اللحية لأنها تعوق الحركة، وتعرض أمن الجماعة للخطر، وتركوا إقامة الجمعة وقالوا أن من شروط الجمعة التمكين وأنهم في حالة الاستضعاف، كما ذهبوا إلى أن الضرورة الأمنية لحركة الجماعة تستدعي التوقف عن العمل بفريضة الجمعة (٢). ولاشك أن هذا خلط شنيع بين أمور كثيرة مرده إلى اضطراب مفاهيم هذه الجماعة وتداخلها، وعدم تمييزهم بين حالة الاكراه التي رخص فيها للمسلم أن يظهر التخلي ظاهراً حتى عن معتقده كما في حالة عمار بن ياسر، وبين جعل مصلحة الجماعة الخاصة وأمنها، مقياساً للقيام بالفرائض وعدم القيام بها، وعدم فهمهم للاستضعاف وما يتبعه من رخص، وعدم التمكين وما ينتج عنه من اعذار، وكل هذه مسائل لا يحكم فيها بالرأي الشخصي والهوى الغالب بل تخضع لضوابط شرعية وأصول دينية لابد من مراعاتها، والدقة في تطبيقها تجنباً للزيغ وأتباع الهوى والانقياد له.

المصدر:دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين - الخوارج والشيعة – أحمد محمد أحمد جلي/ ص ١١٩


(١) ((البينة))، (ص: ٦٤).
(٢) ((البينة))، (ص: ٥٢ - ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>