للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم]

يعيش الدرزي الآن في (لبنان، وسورية، وفلسطين).

وينقسم المجتمع الدرزي من الناحية الدينية إلى قسمين:

(روحاني، وجثماني، فأما الروحاني فهو الذي بيده أسرار الطائفة ويقسم إلى ثلاثة أقسام: رؤساء، وعقلاء، وأجاويد.

والجثماني: وهو الذي لا يبحث في الروحيات بل يبحث في الدنيويات ويقسم إلى قسمين: أمراء وجهال. فالرؤساء بيدهم مفاتيح الأسرار العامة، والعقال بيدهم مفاتيح الأسرار الداخلية والأجاويد بيدهم مفاتيح الأسرار الخارجية، والأمراء الجثمانيون بيدهم مفاتيح الأسرار الخاصة، وزعماء الجهال بيدهم قبضة السيف والزعامة) (١).

والعقال ينقسمون بدورهم إلى درجات ثلاثة: (منهم الطبقة التي تعرف بالمنزهين، وأصحاب هذه الطبقة في أشد العبادة والورع، فمنهم من لا يتزوج حتى يموت، ومنهم من يصوم كل يوم إلى المساء، ومنهم من لا يأكل اللحم في جميع حياته. والطبقة الأخرى: هي الشراح، ويرخص لهؤلاء بالاطلاع على ما كتبه الأمير عبد الله التنوخي أحد مشايخهم، وهو الذي بنى المساجد وجدد الجوامع وكان على ما قيل يريد أن يرجع بالدروز إلى مذهب أهل السنة والجماعة) (٢).

ويبدو لي أن الأجاويد من طبقات الثلاث للعقال. (ويجتمع العقال في أماكن العبادة التي تعرف بالخلوات (جمع خلوة) لسماع ما يتلى عليهم، وبعد تلاوة المقدمات، يخرج من الخلوة الطبقة الدنيا من العقال، ثم بعد تلاوة بعض الرسائل البسيطة التي ليس بها تأويلات تخرج الطبقة الثانية بحيث لا يبقى إلا رجال الدرجة الأولى الذي لهم وحدهم الحق في سماع الأسرار العليا للعقيدة، أما الجهال فلا يسمح لهم بحضور هذه الخلوات، أو لسماع شيء من الكتب المقدسة إلا في يوم عيدهم الوحيد، وهو يوافق عيد الأضحى عند المسلمين) (٣). (والعقال يعملون لهم مناسك يبنونها بعيدًا عن البلدان التي هم بها نحو مسافة نصف ساعة وغالبًا يكون بناؤها على مرتفع ويتفردون فيها أكثر الأيام ليلاً ونهارًا ويسمون هذه المناسك خلوات البياضة، هي على سطح جبل فوق قرية حاصبيا – في لبنان -، تزيد على ستين خلوة) (٤). (والعقال يستحرمون (٥) أيضًا مال أولياء الأمور من أي جهة كان، وجميعهم يستحلون أموال التجار من أي جهة كانت، فإذا قبضوا دراهم محرمة أتوا بها إلى التاجر ليبدلونها منه. وكل عاقل لا يتناول شيئًا من المسكرات ونحوها على الإِطلاق ولو كان مدمنًا عليها في أيام الجهل، وهذا التحريم قد تظاهروا به منذ مائتي سنة فقط بإرشاد الأمير التنوخي، وأما قبل زمن فلم يكونوا يتحاشوه، ولا يفحش العاقل في كلامه على كل حال ولو كان قبل ذلك من السفهاء، ولا يسرف في طعامه وشرابه ولو دعت الحاجة إلى ذلك الإِسراف) (٦). (وأما الجاهل في نظرهم كالحارس الذي يحرس بيتًا في الخارج ويجهل معرفة أسراره الداخلية، وهكذا يعيش الجاهل منهم درزيًا ولا يعلم من الدرزية سوى شيء يسير جدًا، كالاعتقاد بألوهية الحاكم، وإمامة حمزة والأربعة حدود، والتقمص، والعلامة السرية التي يجعلونها لمعرفة بعضهم البعض) (٧).


(١) كريم ثابت: ((الدروز والثورة السورية))، (ص ٣٢ – ٣٣).
(٢) محمد كرد علي: ((خطط الشام))، (٦/ ٢٦٦ – ٢٦٧).
(٣) محمد كامل حسين: ((طائفة الدروز))، (ص ٣١).
(٤) كريم ثابت: ((الدروز والثورة السورية))، (ص ٥١).
(٥) كذا في الأصل.
(٦) مخطوط (في تقسيم جبل لبنان): الجامعة الأمريكية في بيروت رقم ٣١ – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم ٦٩٩.
(٧) كريم ثابت: ((الدروز والثورة السورية))، (ص ٣٣ – ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>