المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة المحظورات واستحلالها وإنكار الشرائع إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم وإنما الذي يصح من معتقدهم فيه أنهم يقولون لابد من الانقياد للشرع في تكاليفه على التفصيل الذي يفصله الإمام من غير متابعة الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما وأن ذلك واجب على الخلق والمستجيبين إلى أن ينالوا رتبة الكمال في العلوم فإذا أحاطوا من جهة الإمام بحقائق الأمور واطلعوا على بواطن هذه الظواهر انحلت عنهم هذه القيود وانحطت عنهم هذه التكاليف العملية فإن المقصود من أعمال الجوارح تنبيه القلب لينهض لطلب العلم فإذا ناله استعد للسعادة القصوى فيسقط عنه تكليف الجوارح وإنما تكليف الجوارح في حق من يجري بجهله مجرى الحمر التي لا يمكن رياضتها إلا بالأعمال الشاقة وأما الأذكياء والمدركون للحقائق فدرجتهم ارفع من ذلك وهذا فن من الإغواء شديد على الأذكياء وغرضهم هدم قوانين الشرع ولكن يخادعون كل ضعيف بطريق يغويه ويليق به وهذا من الإضلال البارد وهو في حكم ضرب المثال كقول القائل إن الاحتماء عن الأطعمة المضرة إنما يجب على من فسد مزاجه فأما من اكتسب اعتدال المزاح فليواظب على أكل ما شاء أي وقت شاء فلا يلبث المصغي إلي هذا الضلال أن يمعن في المطعومات المضرة إلى أن تتداعى به إلى الهلاك
المصدر:فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي – ص٤٦
ثم إنهم يعتقدون استباحة المحظورات، ورفع الحجر ولو ذكر لهم هذا لأنكروه وقالوا: لابد من الانقياد للشرع على ما يفعله الإمام، فإذا أحاطوا بحقائق الأمور انحلت عنهم القيود والتكاليف العملية؛ إذ المقصود عندهم من إعمال الجوارح للغمر الذين لا يرضون إلا بالسياقة. وغرضهم هدم قوانين الشرع. تأويلاتهم للظواهر من التكاليف: قالوا: وكل ما ذكر من التكاليف فرموز إلى باطن؛ فمعنى الجنابة؛ مبادرة المستجيب بإفشاء سر إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك. ومعنى الغسل؛ تجديد العهد على من فعل ذلك.
والزنا؛ إلقاء نطفة العلم الباطن إلى نفس من لم يسبق معه عقد العهد. والاحتلام؛ أن يسبق الإنسان إلى إفشاء السر في غير محله. والصيام؛ الإمساك عن كشف السر. والمحرمات؛ عبارة عن ذوي السر. والبعث عندهم؛ الاهتداء إلى مذاهبهم. ويقولون: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء: ١١] الذكر الإمام، والحجة الأنثى. وقالوا: يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [الأعراف: ٥٣] أي يظهر محمد بن إسماعيل. وفي قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة: ٣] قالوا: الميتة: الحامل على الظاهر الذي لا يلتفت إلى التأويل. وقالوا: إن الشاء والبقر هم الذين حضروا محاربة الأنبياء والأئمة يترددون في هذه الصورة، ويجب على الذابح أن يقول عند الذبح: اللهم إني أبرأ إليك من روحه وبدنه، وأشهد له بالضلالة، اللهم لا تجعلني من المذبوحين. ولهم من الهذيان ما ينبغي تنزيه الوقت عن ذكره. وإنما علمت هذه الفضائح من أقوام تدينوا بدينهم ثم بانت لهم قبائحهم فتركوا مذهبهم.
المصدر:القرامطة لابن الجوزي – ص ٦٢
وشَرُّ هؤلاء القرامطةُ؛ فإنهم يدعون أن للقرآن والإسلام باطنًا يخالف الظاهر؛ فيقولون: الصلاة المأمور بها ليست هذه الصلاة، أو هذه الصلاة إنما يؤمر بها العامة، وأما الخاصة فالصلاة في حقهم معرفة أسرارنا. والصيام: كتمان أسرارنا. والحج: السفر إلى زيارة شيوخنا المقدسين