[المبحث الثاني التأويل لصفات الله]
إن العلامة المحدث الفقيه خليل أحمد السهارنفوري أحد كبار أئمة الديوبندية (١٣٤٦هـ) ومؤلف (بذل المجهود شرح سنن أبي داود) قد ألف كتابا يعد أهم كتب الديوبندية في العقيدة على الإطلاق وعليه توقيعات وتقريظات لخمسة وستين عالما من كبار العلماء الديوبندية وغيرهم والكتاب مطبوع بعنوان (المهند على المفند) باللغة العربية وقد ترجم قريبا إلى اللغة الأردية أيضا .... ومما قال في هذا الكتاب إنا بحمد الله ومشايخنا وجميع طوائفنا ... متبعون لأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي
المصدر:الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للشمس السلفي الأفغاني- ٣/ ٣٠٤
سئل الشيخ السهارنفوري:
"ما قولكم في أمثال قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:٥] هل تجوّزون إثبات جهة ومكان للباري تعالى أم كيف رأيكم فيه؟ ".
فأجاب عليه بقوله:
"قولنا في أمثال تلك الآيات أنّا نؤمن بها ولا يقال كيف، ونؤمن بالله سبحانه وتعالى متعال ومنزه عن صفات المخلوقين وعن سمات النقص والحدوث كما هو رأي قدمائنا، وأما ما قال المتأخرون من أئمتنا في تلك الآيات يأولونها بتأويلات صحيحة سائغة في اللغة والشرع أنه يمكن أن يكون المراد من الإستواء الاستيلاء ومن اليد القدرة إلى غير ذلك تقريباً إلى أفهام القاصرين فحق أيضاً عندنا، وأما الجهة والمكان فلا يجوز إثباتهما له تعالى ونقول إنه تعالى منزه ومتعال عنهما ومن جميع سمات الحدوث".
وقال الشيخ أنور شاه الكشميري ما نصه:
"الأسماء الحسنى عبارة عن الإضافات عند الأشاعرة أما عند الماتريدية فكلها مندرجة في صفة التكوين".
وهذه المسألة هي التي أشار إليها الشيخ حسين أحمد المدني بقوله:
- وهو يفترى على أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب بأسلوبه الخاص -
"إن الطائفة الوهابية تثبت الجهة والاستواء الظاهري في آية: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:٥] وغيرها من الآيات في هذا الموضوع، ما يؤدي إلى التجسيم، وأما أكابرنا الأجلاء ففي مثل هذه الآيات والأحاديث إما يتوقفون فيها عن التجسيم وسمات الحدوث كالسلف الصالح، وإما يؤولونها بتأويلات سائغة كالخلف".
ويقول ملا علي القاري الحنفي في شرح الفقه الأكبر:
"وأما علوه تعالى على خلقه المستفاد من نحو قوله تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام:١٨] فعلو مكانة ومرتبة، لا علو مكان، كما هو مقرر عند أهل السنة والجماعة، بل وسائر طوائف الإسلام من المعتزلة والخوارج وسائر أهل البدعة إلا طائفة من المجسمة وجهلة من الحنابلة القائلين بالجهة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ... "
هذا ويقول الشيخ محمود الحسن - الملقب بشيخ الهند لدى طائفته في ترجمته لقوله تعالى: وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:١١٥] الآية، ما معناه:
"فأينما تولوا وجوهكم فالله متوجه هناك ... "
ويقول الشيخ شبير أحمد العثماني في تفسيره للآية المذكورة ما ترجمته:
"هذا مما اختلف فيه اليهود والنصارى، فكان كل واحد منهما يفضّل قبلته على قبلة الآخر، فقال تعالى: إن الله ليس مختصّاً بجانب، وإنما هو منزّه من كل مكان ومن كل جهة، إلا أنه متوجه في أي مكان تولون وجوهكم نحوه بأمره تعالى، ويقبل منكم عبادتكم.
المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص ٢٤١ - ٢٤٣