القول في معنى الظلم مبني على مسألة التحسين والتقبيح، وقد وقع الخلاف في معنى الظلم على ثلاثة أقوال:
١ - قول الجهمية والأشاعرة، وهؤلاء قالوا في تعريف الظلم: إما أنه التصرف في ملك الغير، أو أنه مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، وهؤلاء يقولون: الظلم بالنسبة لله غير ممكن الوجود، بل كل ممكن إذا قدر وجوده فإنه عدل، والظلم منه ممتنع غير مقدور، وهو محال لذاته كالجمع بين الضدين، وكون الشيء موجودا معدوما.
وهؤلاء يقولون لو عذب الله المطيعين ونعم العاصين لم يكن ظالما، لأن الظلم عندهم إنما هو التصرف في ملك الغير، والله تعالى مالك الملك، فأي فعل فعله ولو كان تعذيب أنبيائه وملائكته وأهل طاعته، وتكريم أعدائه من الكفار والشياطين لم يكن ظالما، لأنه لم يتصرف إلا في ملكه، وكذلك فليس هناك آمر فوقه حتى يخالفه. وهذا قول جمهور الأشاعرة، وهو قول كثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، كالقاضي أبي يعلى، وأتباعه، وأبي المعالي الجويني وأتباعه، وأبي الوليد الباجي وأتباعه وغيرهم (١).
(١) انظر: ((منهاج السنة)) (١/ ٩٠، ٢/ ٢٣٢) – ط دار العروبة المحققة. و ((جامع الرسائل – رسالة في معنى كون الرب عادلا، وفي تنزهه عن الظلم –)) (١/ ١٢١ - ١٢٢)، و ((رسالة في شرح حديث أبي ذر – مجموعة الرسائل المنيرية)) (٣/ ٢٠٧).