للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: لبس السواد في عاشوراء: ويقوم الشيعة بلبس السواد في عاشوراء مع ما رووه من أنه لباس أهل النار، فقد سئل الإمام عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار" (١) .... ورووا عن أمير المؤمنين علي فيما علم أصحابه أنه قال:) لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون ((٢) .... ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء (٣).وعن جبرئيل عليه السلام أنه هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما هذا الزي؟ فقال: زي ولد عمك العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك. فقال: يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم بما فيه)) (٤) .... قال شيخهم الحاج محمد رضا الحسيني الحائري: "المشهور بين أصحابنا الإمامية شهرة عظيمة، بل المدعى عليه الإجماع كما في الخلاف، كراهة لبس الثياب السود في الصلاة، بل مطلقا، إلاَّ في الخف والعمامة والكساء، وفي المعتبر الاقتصار على استثناء العمامة والخف ونسب ذلك إلى الأصحاب، وفي المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعليه اقتصر في الشرائع والقواعد والإرشاد وفي الدروس، وعن اقتصار المفيد وسلار وابن حمزة الاقتصار على العمامة فقط، وعن الذكرى عدم الاستثناء في كلام كثير من الأصحاب، وفي كشف اللثام أن الكساء لم يستثنه أحد من الأصحاب إلا ابن سعيد" (٥).ويختتم الحائري كلامه بقوله: "هذه هي الروايات التي استدل بها الأصحاب لكراهة لبس الثياب السود والصلاة فيها مضافا إلى ما عرفت من دعوى الشهرة الإجماع في المسألة" (٦).

قلت: إذا كانت هذه الروايات رواياتهم، والإجماع إجماعهم، فلماذا يقوم شيعة اليوم بلبس السواد في الأيام العشر الأولى من محرم؟.

لماذا لا يحترم الشيعة رواياتهم وإجماع علمائهم؟

رابعاً: كلمة إلى خطيب أباح النياحة واللطم: قال فقيه الشيعة الأكبر محمد بن مكي العاملي والذي يلقبونه بالشهيد الأول: "والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع" (٧).وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن الشيخ في المبسوط وابن حمزة القول بالتحريم مطلقا" (٨).وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل (٩).وقال الشهيد الأول: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله" (١٠).وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور" (١١).وقال هاشم الهاشمي في حواره مع فضل الله: "نعم ذهب ابن حمزة والشيخ إلى حرمة النياحة وادعى الشيخ الإجماع عليها في مبسوطه" (١٢).

وقال أيضاً: "نعم ورد النهي عن النياحة في جملة من الأخبار ".

فهذه نصوص علمائكم تحرم النوح والعويل واللطم بالإجماع اعتماداً على نصوص شرعية سقنا بعضها فلماذا تقام الحسينيات والمآتم وتضرب بهذا الإجماع عرض الجدار؟!.

... ثم اسمع أيها الخطيب كيف يتربى أهل البيت رضي الله عنهم ويربون أصحابهم على الصبر والاسترجاع لا على النوح والعويل كما تفعل أنت في المآتم والحسينيات. عن موسى بن جعفر رحمه الله قال: نعي إلى الصادق جعفر بن محمد إسماعيل بن جعفر وهو أكبر أولاده وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثراً، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا، أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى. قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم، إن قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل" (١٣).

أرأيت بعد هذا براءة أهل البيت رضي الله عنهم مما يدور في هذه المأتم.

المصدر:من قتل الحسين رضي الله عنه؟ لعبد الله بن عبد العزيز


(١) ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ١٦٢)، ((وسائل الشيعة)) (٣/ ٢٨١)، ((نجاة الأمة)) (ص٨٥).
(٢) ((فقيه من لا يحضره الفقيه)) (١/ ١٦٣)، ((وسائل الشيعة)) (٣/ ٢٧٨)، ((نجاة الأمة)) (ص ٨٤).
(٣) ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ١٦٣)، ((نجاة الأمة)) (ص ٨٤).
(٤) ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ١٦٣)، ((وسائل الشيعة)) (٣/ ٢٧٩) , ((نجاة الأمة)) (ص ٨٤ - ٨٥) , ((مستدرك الوسائل)) (١/ ٢٠٨).
(٥) ((نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة)) (ص ٨٣).
(٦) ((نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة)) (ص ٨٥).
(٧) ((الذكرى)) (ص ٧٢).
(٨) ((الفقه)) (١٥/ ٢٥٣).
(٩) ((الفقه)) (١٥/ ٢٦٠).
(١٠) ((الذكرى)) (ص ٧٧)، ((الجواهر)) (٤/ ٣٦٧).
(١١) ((الفقه)) (١٥/ ٢٦٠).
(١٢) ((حوار مع فضل الله حول الزهراء)) (ص ٢٣١).
(١٣) ((عيون أخبار الرضا)) (٢/ ٢)، ((بحار الأنوار)) (٨٢/ ١٢٨)، ((جامع أحاديث الشيعة)) (٣/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>