[الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي]
للصوفية طرق عديدة ومسالك مظلمة وقواعد خاصة للتربية حسب منهجهم، وكيفية ذلك عندهم نوجز الكلام عنه فيما يلي:
١ - أول ما يجب على الداخل هو أن يختار الفرد أو الجماعة من المريدين شيخاً لهم يسلك بهم رياضة خاصة بهم على دعوى وزعم تصفية القلب للوصول بالمريد إلى معرفة الله، هكذا يزعمون وهو في الحقيقة يصل إلى متاهات وضلال بعيد،
ولا يتم السير في الطريق الصوفي إلا إذا عطل المريد عقله وفكره.
٢ - أن يتبع المريد شيخه أتباعاً مطلقاً حتى وإن كان في تحريم الحلال وإحلال الحرام.
٣ - عليه أن يردد ما يردده الشيخ من أذكار.
٤ - ثم يكون وجوباً عليه أن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء، فإن الاعتراض وإبداء الرأي من أكبر الأخطار على المريد وطرده عن رحمة الله.
٥ - وعليه كذلك أن يعتقد أن جميع ما يفعله الشيخ هو الحق والصواب حتى وإن رآه يشرب الخمر ويزني؛ لأن الشيخ لا يفعل الفواحش بروحة وإنما بصورته البشرية لتربية المريدين، وهذا مخرج للصوفي إذا فعل فاحشة، وما أكثر ما يفعلونها تحت هذا الستار، وعلى التلميذ أن لا يفكر في أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لأنه يتعارض تماماً مع ما يراه زعماء الصوفية من وجوب التسليم للشيخ في كل ما يأتي ويذر.
٦ - كما أنه يجب عليه أن يجتاز تلك الخلوة المفروضة.
٧ - وأن يتصور صورة الشيخ ماثلة أمامه في كل حال، وأن يعتقد أن الشيخ يعلم بكل شيء عنه وهو في داخل خلوته، ويعرف كل شؤونه ما دق منها وما جل.
٨ - وأن لا يغير شيخه بآخر.
٩ - ولا يزور أحد المشايخ والأولياء ما دام في أول أمره.
١٠ - وأن يمشي في الطريقة منزلة منزلة حتى يصل إلى القطبانية.
١١ - وألا يخالط المقصرين والبطالين من أهل قيل وقال.
١٢ - وألا يضن بماله ولو طلبه الشيخ كله.
١٣ - وأن يرضى بالذل الدائم وحرمان النصيب، والجوع الدائم والخمول وذم الناس له، وتقديم أضرابه وأشكاله وأقرانه عليه في الإكرام والعطاء والتقريب عند الشيوخ ومجالس العلماء، فيجوع هو والجماعة يشبعون والكل أعزاء ونصيبه الذل، ويعز الجماعة ويستجيز الذل ويجعله نصيبه. قال الجيلاني بعد أن ذكر ما سبق:"فمن لم يرض بهذا ويوطن نفسه عليه فلا يكاد أن يفتح عليه ويجيء منه شيء" (١)، إلى آخر ما ذكر الجيلاني مما يطول نقله.
(١) (٢/ ٦١٣) باب فيما يجب على المبتدئ في هذه الطريقة أولاً إلى آخر (ص ١٦٩)؛ حيث ذكر الآداب التي تجب على المريد والآداب التي تجب على الشيخ.