للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: من هو المهدي؟]

يؤمن أهل السنة بالمهدي الذي صحت به الأحاديث، ولكن غير مهدي الشيعة الخرافي الذي وصلوا في إيمانهم به وانتظاره وترقبه إلى حد جعلهم محل سخرية العالم منهم، وأخباره عندهم أكثر من أن تذكر، وقد أفرده الطوسيّ بكتابه المسمى: (كتاب الغيبة).إن القول بالمهدي وانتظاره من عقائد الشيعة البارزة والأساسية، ذلك المهدي الذي يزعمون أنه غاب عنهم لأسباب مؤقتة، وسيرجع وسيملأ الأرض عدلاً ورخاءً كما ملئت ظلماً وجوراً (١).

ولهذا فهم يقيمون على سردابه بسامرا الذي زعموا أنه مقيم فيه دابة ترابط دائماً ليركبها إذا خرج من سردابه، ويقف جماعة ينادون عليه بالخروج يا مولانا اخرج، يا مولانا اخرج، ويشهرون السلاح، وفي أثناء مرابطتهم لا يصلون خشية أن يخرج وهم في الصلاة فينشغلون بها عن خروجه وخدمته، بل يجمعون الخمسة الفروض.

وليس هذا فقط عند السرداب، بل أحياناً يكونون في أماكن بعيدة عن مشهده ويفعلون هذا إما في العشر الأواخر من شهر رمضان، وإما في غير ذلك, يتوجهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية، يطلبون خروجه مع أنه لا مهدي هناك. وإنما هي خرافة نفذ منها ومن غيرها أعداء الإسلام إلى الطعن في الإسلام وتجهيل حامليه، وإلا فما الداعي لمثل رفع هذه الأصوات وهذه المرابطة المضنية؟

فإنه على فرض أن هذا المهدي موجود هناك، فإنه لا يستطيع أن يخرج إلا بإذن الله، ثم إذا أذن الله له فإنه يحميه وينصره وييسر له كل ما يحتاجه، وليس هو في حاجة إلى أولئك الغلاة الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.


(١) مما ينبغي الإشارة إليه هنا هو: أنه ليس للشيعة مهدي واحد ينتظرون عودته، بل لهم مهديون كثيرون حسب معتقداتهم، وأما مهدي الاثني عشرية فهو "ابن الحسن العسكري" كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>