المبحث الثاني: موقف المعتزلة من السنة لقد آمن المعتزلة بأصولهم الخمسة وما تفرع عنها من آراء وجعلوا منها القاعدة والأساس الذي تنطلق منه كل محاوراتهم ومعاملاتهم مع النصوص سواء كانت قرآناً أو سنة، فكان ما يعارض مبادئهم (من آيات يؤولونها وما يعارضها من أحاديث، ينكرونها. . . ولذلك فإن موقفهم من الحديث كثيرا ما يكون موقف المتشكك في صحته، وأحياناً موقف المنكر له لأنهم يحكمون العقل في الحديث لا الحديث في العقل)(١).
وإعمال العقل كما سبق أن ذكرنا لا يتنافى إطلاقاً مع الشريعة، بل فقد دعا الإسلام إلى إعمال الرأي في أكثر من آية وأكثر من حديث، وقد استخدم علماء الجرح والتعديل من علماء الحديث العقل كذلك لتمحيص الأخبار ونقد الرواة، إلا أن العقل ينبغي أن يحسن استعماله في مواضعه المنصوص عليها في الشريعة بعيداً عن كل زندقة وتعنت وإلحاد، هذه المعاني التي تفسد العقل كأداة تقويم قيمة لنصوص الحديث وغيرها وتحوله عن وجهته الصحيحة.
ولعله من المفيد أن نمهد الحديث عن موقفهم من السنة بكلمة عن مكانة وأهمية العقل عند المعتزلة: