للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: أثرها في الفكر الإسلامي الحديث]

أ- ففي التفسير للقرآن الكريم:

أخذ بعض من تناول تفسير القرآن الكريم بعض مبادئ هذه المدرسة وسار على نهجها في تفسيره سواء التزم الحدود التي حددوها أم تجاوزها إلى ما هو أبعد وأعمق، فلقد كان تفسير القرآن الكريم تفسيراً يتلاءم مع كثير من المكتشفات العلمية الحديثة محل عناية واهتمام كبيرين يتلاءم مع كثير من المكتشفات العلمية الحديثة محل عناية واهتمام كبيرين من قبل رجال المدرسة العقلية وكان من أسس منهجهم في التفسير كما بينا هناك، وفصلنا. ولقد أخذ من بعدهم الشيخ الطنطاوي جوهري وهو من المتأثرين كثيراً بمحمد عبده ومن تلاميذه أخذ بهذا المنهج في التفسير وتوسع فيه وأطال وذهب يملأ تفسيره بكل ما توصل إليه العلم من مكتشفات حتى قال عنه بعضهم ما قيل في تفسير الرازي "فيه كل شيء إلا التفسير" وقال الشيخ محمد حسين الذهبي "بل هو أحق من تفسير الفخر بهذا الوصف وأولى به" (١).

وأنت إذا نظرت إلى تفسيره وجدته يحمل الآيات مالا تحتمله ويدخل في تفسيرها من المكتشفات العلمية ما لم تشر إليه ويبرر هذا بأعذار واهية لا تقوم له بها حجة. يقول في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ... [البقرة: ٦٧] الآيات "وأما علم تحضير الأرواح فإنه من هذه الآية استخراجه، أن هذه الآية تتلى والمسلمون يؤمنون بها حتى ظهر علم تحضير الأرواح بأمريكا أولاً ثم بسائر أوروبا ثانياً" (٢) وقال "ولما كانت السورة التي نحن بصددها قد جاء فيها حياة العزير بعد موته وكذلك حماره، ومسألة الطير وإبراهيم الخليل، ومسألة الذين خرجوا من ديارهم فراراً من الطاعون فماتوا ثم أحياهم وعلم الله إننا نعجز عن ذلك جعل قبل ذكر تلك الثلاثة في السورة ما يرمر إلى استحضار الأرواح في مسألة البقرة كأنه يقول: إذا قرأتم ما جاء عن بني إسرائيل في إحياء الموتى في هذه السورة عند أواخرها فلا تيٍأسوا من ذلك فإني قد بدأت بذكر استحضار الأرواح فاستحضروها بطرقها المعروفة فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [الأنبياء: ٧] ولكن ليكن المحضر ذا قلب نقي خالص على قدم الأنبياء والمرسلين كالعزير، وإبراهيم وموسى، فهؤلاء لخلوص قلوبهم وعلو نفوسهم أريتهم بالمعاينة ليطمئنوا وأنا أمرت نبيكم أن يقتدي بهم فقلت فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: ٩٠] (٣).وفي تفسير قوله تعالى يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النور ٢٤] ونحوها من الآيات يقول " ... أوليس الاستدلال بآثار الأقدام وآثار أصابع الأيدي في أيامنا الحاضرة هو نفس الذي صرح به القرآن" (٤).


(١) ((التفسير والمفسرون)) محمد حسين الذهبي (٣/ ١٨٣).
(٢) ((الجواهر في تفسير القرآن الكريم)) طنطاوي جوهري (١/ ٨٤).
(٣) ((الجواهر في تفسير القرآن الكريم)) طنطاوي جوهري (١/ ٨٩).
(٤) ((الجوهرة)) طنطاوي جوهري (٣/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>