[المطلب السادس عشر: إهانتهم للعسكري:]
وأما الحادي عشر حسن بن علي الملقب بالعسكري فيقولون عنه: إنه شكر الله عزوجل على وفاة أخيه الأكبر محمد بن علي لما سمع أن الإمامة تصل إليه بعد ما شق جيوبه ولطم خدوده كما ذكره المفيد في (الإرشاد ص٣٢٦ والأربلي في "كشف الغمة" (الإرشاد ص٤٠٥).
هذا وأما الثاني عشر الموهوم فكفى فيه القول أنهم يصرحون في كتبهم أنفسهم أنه لم يولد ولم يعثر عليه ولم ير له أثر مع كل التفتيش والتنقيب، ثم يحكون حكايات، وينسجون الأساطير، ويختلقون القصص والأباطيل في ولادته وأوصافه، إما موجود ولد، وإما معدوم لم يولد؟ غير مولود ومولود! ومعدوم وموجود! فأية إساءة أكبر منها؟ وأية إهانة أكثر منها. وإليكم النص من أهم كتبهم هم، فيروون عن أحمد بن عبيد الله بن خاقان أنه قال في قصة طويلة أن الحسن العسكري: لما اعتل بعث السلطان إلى أبيه أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته، فيهم نحرير فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحاً ومساءً، فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنه قد ضعف، فأمر المتطببين بلزوم داره وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرا ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السلام فصارت سر من رأى ضجة واحدة وبعث السلطان إلى داره من فتشها وفتش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده وجاؤا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن، فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته وعطلت الأسواق وركبت بنو هاشم والقواد وأبي وسائر الناس إلى جنازته، فكانت سر من رأى يومئذ شبيهاً بالقيامة، فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمر بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والمعدلين وقال:
هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن القضاة فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ثم غطى وجهه وأمر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه.
لما دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا عن قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لازمين حتى تبين بطلان الحمل، فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر وادعت أمه وصيته وثبت ذلك عند القاضي" (كتاب (الحجة) من الكافي ص٥٠٥، الإرشاد للمفيد ص٣٣٩، ٣٤٠، كشف الغمة ص٤٠٨، ٤٠٩، الفصول المهمة ص٢٨٩، جلاء العيون ٢/ ٧٦٢، إعلام الورى للطبرسي ص٣٧٧، ٣٧٨).
وما أحسن ما كتب أحد كتاب السنة في هذا أن مهدي الشيعة وقائمهم مختلق معدوم موهوم، وإن قرآنهم كذلك معدوم غير موجود، وإن مذهبهم أيضاً مخترع موضوع، وسيكون معدوماً إن شاء الله.
وهذه الرواية التي ذكرها جميع مؤرخي الشيعة ومؤلفيها ومحدثيها تهدم ما أرادوا بنائه على الأساطير والقصص من ولادة الإمام الثاني عشر ونشأته وإمامته، وأن لا يكون كذلك فهم لا يريدون من ذكر هذه الروايات وثبتها إلا إهانته وإيذاءه حيث ينسبونه إلى عدم الوجود والولادة وهو مولود وموجود! فالعدل، العدل.
ولقد كتب المفيد وغيره "فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته وتولى جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه السلام وأخذ تركته وسعى في حبس جواري أبي محمد واعتقال حلائله .. وحاز جعفر ظاهراً تركة أبي محمد عليه السلام واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه" ("الإرشاد" ص٣٤٥ "إعلام الورى" ص٣٨٠).
فهذا هو الثاني عشر إن كان لهم الثاني عشر، وفعلاً اعتقد القوم منهم إمامته وسموا بالجعفرية، ولكن الشيعة سبوه وشتموه كعادتهم مع الآخرين، فقالوا فيه أي جعفر بن محمد:
هو معلن الفسق فاجر، ماجن، شريب للخمور، أقل من رأيته من الرجال، وأهتكهم لنفسه، خفيف، قليل في نفسه" (الأصول من الكافي ١/ ٥٠٤).
ويسمونه جعفر الكذاب وغير ذلك من الأوصاف الكثيرة القبيحة.
المصدر:الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص٢٨٧