للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابعا: عمالة القادياني وأسرته للإنجليز]

شعر الإنجليز أن عقيدة الجهاد عند المسلمين هي سبب القلاقل والثورات ضد الاستعمار، فبدأت بدراسة الأحوال دراسة علمية دقيقة، وأرسلت الحكومة الإنجليزية بعثات لتقصي المعلومات لمعرفة الأسباب الحقيقية المحركة للثورة ضد الإنجليز: "وفي مقتبل عام ١٨٦٩م جاءت بعثة إنجليزية مكونة من المحررين الإنجليز والزعماء المسيحيين لدراسة الوسائل التي تخلق في قلوب سكان القارة الهندية عاطفة ولاءٍ للإنجليز، وتخضعهم لهم بعد انتزاع عاطفة الجهاد من قلوبهم، وبعد أن عادت البعثة إلى إنجلترا عام ١٨٧٠ م، رفعت إلى الحكومة تقريرين كتبت في أحدهما وهو تقرير عنوانه (وصول السلطنة الريطانية إلى الهند): "إن أغلبية مسلمي الهند تتبع زعمائها الدينيين اتباعاً أعمى، وإذا وجدنا الآن أحداً يستعد لأن يزعم أنه نبي أمكن لنا تحقيق مطامع بريطانيا بتنشيط دعواه تحت رعاية الحكومة" (١).

وظل الإنجليز يبحثون عن الرجل الذي يمكن أن يساعدهم ويساعدوه في دعوى النبوة حتى يستطيعوا أن يضربوا عقائد الإسلام من داخل المسلمين أنفسهم .. ولم يستمر بحثهم طويلاً، فقد وجدوا الشخصية التي يبحثون عنها بسهولة، إنه رجلهم سليل أسرة يفتخرون بولائهم للاستعمار، فصنعوا منه مهدياً، ثم نبياً، وعرفوا متى يقدموه للناس مهدياً، ومتى يعرضوه نبياً، أو نبياً ظلياً كما زعم القادياني.

يقول أغاشورش كشميري في كتابه (خونة الإسلام): "وقع الاختيار) أي اختيار الإنجليز (على المرزا غلام أحمد القادياني لتحقيق هذا الهدف، وقد ظهر في بداية الأمر في مظهر المتكلم الذي كان يجادل الآباء اليسوعيين الذين كانوا يواجهون الإسلام .. ثم كون جماعة من أتباعه في عام ١٨٨٠ م وادعى أنه محدث (ملهم من الله) .. ثم أعلم دعواه عن كونه مجدداً، وفي عام ١٨٨٨م أعلن أن الله أمره بأخذ البيعة من المسلمين، وادعى في عام ١٨٩١م، أنه هو المسيح الموعود، كما اخترع لنفسه مصطلحاً جديداً، وهو أنه نبي ظلى" (٢).إذن القاديانية حركة من صنع الإنجليز، فهم الذين أوجدوها لمحاربة الإسلام الذي يدعو أتباعه إلى الجهاد في سبيل الله، ومقاومة الاستعمار والمحتلين "فدبرت الحكومة بعث المرزا غلام أحمد المتنبي، لكي يميت بهذه الوسيلة روح الجهاد في قلوب المسلمين ويمكنوا نفوذهم في إقليم البتجاب، وكان الإنجليز يستيقنون – على حد زعمهم – أن منطقة بنجاب لا تخضع لهم إلا من خلال المتنبي، وإذا لم يوفقوا في إخضاعهم بواسطته فلا أقل من أن يشغلوا العلماء به، ويصرفوهم عن الجهاد إلى المسائل الأخرى" (٣)، أي يشغلوهم بالقضايا الخلافية والكلامية حتى يختلفوا ويتفرقوا ويبتعدوا بفكرهم عن جهاد المستعمر الإنجليزي.


(١) آغاكشميري، ((خونة الإسلام)) (ص ٣ - ٤).
(٢) أغاشورش كشميري: ((خونة الإسلام))، (ص٤).
(٣) أغاشورش كشميري: ((خونة الإسلام))، (ص ٨ - ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>