[المطلب الرابع: علماء الإمامية متواطئون على القول بالتحريف:]
القائلون بالتحريف من الإمامية صنفان:
الأول: علماء مقصودهم هدم الدين: يعلمون أن الدين كله قائم على أساس حفظ القرآن من الزيادة والنقصان: فبثبوته تثبت أصول الدين جميعاً، وبانهياره تنهار هذه الأصول جميعاً.
هل أدركت الآن السر الذي من أجله ابتدأت حجة الله تعالى على خلقه بتحرير هذه القضية الكبرى قبل أي شيء آخر: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [البقرة:٢] , ثم ثنّت بإثباتها: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:٢٣].
ولأن أولئك العلماء يشعرون أن أكبر غصة في حلوقهم هي حين يطالبون بالنص الصريح من القرآن على ما أضافوه من أصول إلى الدين ولكي يستريحوا من هذه الغصة، قالوا بنقصه وتحريفه. ولذلك هم يؤكدون على نقصانه دون الزيادة فيه!
الثاني: عوام استزلهم أولئك العلماء بعد أن رسّخوا لديهم الاعتقاد بخيانة الأصحاب نقلة الكتاب. فلما استجازوا الطعن في الناقل استسهلوا انتقال الطعن إلى المنقول. وهو المقصود.
المصدر: تحريف القرآن عند الشيعة تهمة باطلة أم حقيقة ثابتة لطه حامد الدليمي
لست أدري كيف يستطيع المرء أن يقول بتحريف القرآن وهو أمام نص صريح يدحض كل الأقوال حول التحريف، ولست أدري أيضاً كيف يستطيع أحد أن يكون مؤمناً بالقرآن وهو يدلي رأياً يناقض ما جاء فيه والآية الكريمة: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩] تغنينا عن الاستدلال بعدم تحريف القرآن المنزل على محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فالوعد الإلهي صريح بأنه تعالى يحفظ الذكر الحكيم من أي تلاعب أو تحريف أو إضافة, والقائلون بالتحريف يشكلون عدداً من علماء الفرق الإسلامية كلها إلا أن علماء الشيعة ومحدثيهم يشكلون الأكثرية المطلقة بين هؤلاء، وقد ذهب رهط من علماء الشيعة إلى عدم التحريف واستشهدوا بالآية الكريمة التي أوردناها, ولكن ذهب آخرون إلى التحريف بإصرار وعناد منهم "النوري " الذي ألَّف كتاباً أسماه (فصل الخطاب في تحريف الكتاب) وذكر في الكتاب المذكور عبارات زعم أنها آيات قرآنية محرَّفة، والمتتبع المنصف لا يشك أبداً أن السبب الذي حدا بالمحدثين أن يذهبوا إلى تحريف الكتاب هو الاستدلال بآيات منصوصة في إمامة " علي " كانت مذكورة في السور والآيات المحرَّفة على حد زعمهم، وبذلك كان بعض أعلام الشيعة يدافع عن عدم وجود نص إلهي في القرآن حول الإمامة بتلك الآيات المزعومة التحريف، وتحريف القرآن يصطدم بعقبة كبيرة لدى أعلام الشيعة وهو إقرار الإمام " علي " في أيام خلافته بهذا القرآن الموجود بين أيدي المسلمين فلو كانت هناك سور أو آيات محرَّفة لتحدث عنها الإمام " علي " وأثبتها في القرآن.