للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: وحدة الأديان]

أما الهدف الأول، وهو زعمهم أن الأديان واحدة، وأن الناس يجب أن ينبذوا كل الأديان ثم يجتمعون على دين واحد.

لعل مما يوضح ماهية هذا الدين هو ذلك الإصرار من البهاء وأتباعه على أن جميع الأنبياء إنما جاءوا للتبشير بظهور هذا البهاء والاحتفاء به وبسخافاته، وأن الله تعالى قد تجلى في طلعته، وأنه هو مظهر الله الأكبر والساعة العظمى والقيامة والبعث، وأن الالتزام به وبدعوته هي الجنة، وأن النار هي ترك اتباعه.

لقد كان المازندراني من أشد الناس تشبعاً بمبادئ الصوفية الإلحادية، فهو من كبار القائلين بوحدة الوجود والحلول والاتحاد التام. ومن هنا فإنه لم ير أي مانع من دعوى الألوهية.

ومن المعلوم أنه ما دام البهاء هو مظهر الله في زمنه –حسب سخافاته- فإنه لا دين ولا معرفة، ولا حق ولا باطل، ولا حلال ولا حرام إلا ما جاء عن طريقه، والنتيجة من كل ذلك أن الناس يجب أن يجتمعوا على الدين البهائي فقط، ولهذا فهو يلح في تقرير وحدة الوجود بينه وبين الله، وأن الأديان كلها دين واحد، وأن الذي يمثل الله في تجليه في عصر البهائية إنما هو البهاء نفسه، وما دام الله هو البهاء فيجب أن يبقى الدين هو ما يريده البهاء.

وأقوال البهاء في تقرير ألوهيته كثيرة جداً ملأ بها كتابه (الأقدس) نكتفي بذكر الأمثلة الآتية: (قل: لا يرى في هيكلي إلا هيكل الله، ولا في جمالي إلا جماله، ولا في كينونتي إلا كينونته، ولا في ذاتي إلا ذاته، قل: لم يكن في نفسي إلا الحق ولا يرى في ذاتي إلا الله) (١)

ويقول أيضاً: (يا قوم طهروا قلوبكم ثم أبصاركم لعلكم تعرفون بارئكم في هذا القميص المقدس واللميع) (٢).

ويقول مخاطباً البابيين وغاضباً عليهم حين لم ينضموا تحت لوائه: (يا أهل النفاق قد ظهر من لا يعزب عن علمه شيء) (٣).

وقال في استفتاحه لكلماته التي سماها فردوسية:

(كلمة الله في الورق الأول).

وأما أقوال ابنه عبد البهاء عباس، وأما أقوال كبار أصحاب البهاء فحدث عن كثرتها ولا حرج، كلها تؤكد ألوهية المازندراني وأن له طبيعتين ناسوتية ولاهوتية، ولا انفصال لإحداهما عن الأخرى، وأنه المثل الحقيقي لبهاء الله تعالى فحينما وجد البهاء وجد بهاء الله متمثلاً فيه أتم تمثيل، وهذا ما جعله يضع برقعاً على وجهه لئلا يرى كل أحد بهاء الله.

وقد عزمتُ على كتابة تلك النصوص عن البهائية في تقريرهم ألوهية زعيمهم، إلا أنني فترت عن إثباتها هنا، أولاً لاشمئزاز نفسي عنها، وثانياً لأنها كلها تهدف إلى إثبات ألوهية ذلك المعتوه، وإذا كان كتابه (الأقدس) غير موجود هنا حالياً، فقد كاد أن يكون بكل يسر وسهولة من خلال ما كتبه العلماء عن البهائية وعقائدهم وكتبهم.

بل توجد كتب صورت ذلك الكتاب كما هو؛ مثل كتاب (البهائية الفكر والعقيدة) تأليف صالح كامل، ومثل كتاب (خفايا الطائفة البهائية) للدكتور أحمد محمد عوف، حيث نقل (الأقدس) كله، وكذا ما نقله الشيخ إحسان إلهي رحمه الله، في كتابه (البهائية نقد وتحليل)، وما كتبه الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله، وغير ذلك من الكتب المتوفرة في المكتبات، ولهذا فإني لا أظن أن هناك حاجة إلى إثبات تلك النصوص الإلحادية التي تدمغ البهائيين في اعتقادهم أن زعيمهم المازندراني هو الله، كيف وهم أنفسهم يصرحون بربوبيته بدون أن يجدوا حرجاً في ذلك؟!


(١) ((كتاب الأقدس ضمن خفايا الطائفة البهائية)) (ص: ١٢٦).
(٢) ((مبين للمازندراني)) (ص: ٣٠)، نقلاً عن ((البهائية نقد وتحليل)) (ص: ٧١).
(٣) ((إشراقات للمازندراني)) (ص: ١٤٤)، نقلاً عن ((البهائية تاريخها وعقيدتها)) (ص: ٢٣٥، ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>