للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس: مسائل الزكاة: قالوا: لا تجب الزكاة في التبر من الذهب والفضة (١).وقالوا: لو كان عند رجل في ملكه نقود كثيرة مسكوكة، واتخذ منها الحلي أو آلات اللهو سقط عنه زكاتها (٢)، وإن احتال بهذا قبل يوم من حولان الحول (٣)، كذلك تسقط زكاة تلك النقود إذا كسد رواجها في تلك المدة وراجت نقود أخر مكانها، وهذا مخالف لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [البقرة: ٣٤]. وحيثما ذكر وجوب الزكاة في كلام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أو الأئمة جاء بلفظ الذهب والفضة لا بلفظ الدراهم والدنانير الرائجة الوقت (٤).وقالوا: لا تجب الزكاة في أموال التجارة ما لم تصر نقدين بعد التبدل والتحول (٥).وقالوا: لا تجب الزكاة في مال رجل أو امرأة ملكه وجعله أثاثاً لنفسه أو اشترى به متاعاً بنيّة الاكتساب أو الزينة أو بالعكس، وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم: ((أدوا زكاة أموالكم)). (٦)، ولا شبهة في كون هذه الأشياء مالاً. وقالوا: يجوز للمزكي أن يسترد مال الزكاة عن المستحق، إذا زال فقره بعد ما تملكه وتصرف فيه (٧)، مع أن الصدقات لا تسترد، ولا يصح الرجوع فيها بعد القبض، وأخذ مال الغير بدون إجازته لا يجوز في الشريعة أصلاً، والاستحقاق وقت الزكاة شرط في وقت الأخذ لا في تمام عمره.

المصدر:غرائب فقهية عند الشيعة الإمامية لمحمود شكري الألوسي


(١) وقد نسبوا الروايات في ذلك لأهل البيت، فروى الكليني عن الصادق والكاظم أنهما قالا: " ليس على التبر زكاة، إنما هي على الدنانير والدراهم ". ((الكافي)) (٣/ ٥١٨) , الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (٤/ ٧).
(٢) قال العاملي: "أما النقدان فيشترط فيهما النصاب والسكة، وهي النقش الموضوع للدلالة على المعاملة الخاصة بكتابة وغيرها، وإن هجرت فلا زكاة في السبائك والممسوح، وإن تعومل به ... ولو اتخذ المضروب بالسكة آلة للزينة وغيرها لم يتغير الحكم .. ". ((اللمعة الدمشقية)) (٢/ ٣٠) , وقريب من هذا ما قاله الطباطبائي، ((العروة الوثقى)) (٢/ ٣٧٣).
(٣) ويدعون وجود روايات في كتبهم تعضد ذلك، ففي (صحيح) علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى أنه قال: " لا تجب الزكاة فيما سبك فراراً به من الزكاة، ألا ترى أن المنفعة قد ذهبت فلذلك لا تجب الزكاة ". ((وسائل الشيعة)) (٩/ ١٦٠). وأخذ بهذه معظم علمائهم، قال المفيد: " إذا صيغت الدنانير حلياً أو سبكت سبيكة لم يجب فيها زكاة، ولو بلغت الوزن مائة وألفاً, وكذلك زكاة في التبر قبل أن تضرب دنانير". ((المقنعة)) (ص ٣٣٢).
(٤) وليس هذا هو رأي فقهائهم القدامى، بل هو رأي المعاصرين، قال الخوئي: " والخالص من تلك المواد (الذهب والفضة) لا زكاة فيهما ". ((فقه الخوئي)) (٢٨/ ٢٣٩).
(٥) العاملي، ((اللمعة الدمشقية)) (٢/ ٣٧) , الطباطبائي ((العروة الوثقى)) (٢/ ٣٠٤).
(٦) رواه الترمذي (٦١٦) , من حديث أبي أمامة رضي الله عنه, وقال: حسن صحيح. وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (١/ ٦٨) , وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)). ورواه النسائي (٥/ ٣٧) (٢٤٧٧) , من حديث علي رضي الله عنه, وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(٧) ((العروة الوثقى)) (٢/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>