للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: زعمهم أن الله يتشكل بأشكال الحيوانات]

حكى صاحب الرشحات أن الشيخ بهاء الدين عمر كان يركب فرسا أبيض في كل الأوقات فسئل عن ذلك فأجاب بأن اختياره للفرس الأبيض لأن بعض التجليات الصورية مشهودا له كذلك. فمثلا وقع التجلي الصوري لموسى في شكل شجرة بالوادي المقدس ووقع التجلي الصوري لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في صورة شاب مخطط الوجه، وقال الشيخ محي الدين ابن عربي: رأيت ربي على صورة الفرس. قال: وهكذا فالسالكون يرون الحق سبحانه بالتجليات الصورية، حتى إنه يتجلى في جميع صور الأشياء من معادن ونباتات وحيوانات وإنسان ... وغاية التجلي الصوري وأفضله أن يتجلى الله للسالك في صورة صاحب التجلي ... ومنشأ هذا الظهور قول القائل: سبحاني وأنا الحق، وما في الجبة إلا الله، وهل في الدارين غيري، وأمثال ذلك من أدلة حصول التجلي (١).ويحكي النقشبنديون قصة متواترة بينهم عن بدايات سلوك محمد بهاء الدين نقشبند طريق التصوف فذكروا أن شيخه أمره أن يشتغل بخدمة الكلاب ومداواتهم قال «فنهضت بأعباء هذه الخدمة سبع سنين. حتى كنت إذا لاقاني في الطريق كلب وقفت حتى يمرّ هو أولا، ثم بعد ذلك أمرني أن أشتغل بخدمة كلاب هذه الحضرة بالصدق والخضوع وأطلب منهم الإمداد. وقال: إنك ستصل إلى كلب منهم تنال بخدمته سعادة عظيمة. فاغتنمت نعمة هذه الخدمة ولم آل جهدا بأدائها حسب إشارته. حتى وصلت مرة إلى كلب، فحصل لي من لقائه أعظم حال فوقفت بين يديه واستولى عليّ بكاء شديد فاستلقى (الكلب) في الحال على ظهره ورفع قوائمه الأربع نحو السماء فسمعت له صوتا حزينا وتأوها وحنينا فرفعت يدي وجعلت أقول آمين حتى سكت وانقلب ... ووجدت حرباء فخطر لي أن أطلب منها الشفاعة فاستلقت على ظهرها وتوجهت إلى السماء، وأنا أقول آمين» (٢).

وهذه القصة ما زالت متداولة ومتناقلة بين النقشبنديين في مجالسهم، ولم تعد شيئا منسيا. فقد احتج بها أحد مشايخ النقشبنديين في لبنان في محاضرة له مسجلة بصوته. وهو المسمى رجب ديب.


(١) ((رشحات عين الحياة)) (١٣٣ - ١٣٤). وكتاب الرشحات معتمد عند سادة الطريقة النقشبندية ولكن أكثر عوامهم لا يعلمون. فقد احتج به السرهندي الفاروقي النقشبندي والكوثري والخاني واستحسنه واحتج به خالد البغدادي في ((رسالة في تحقيق الرابطة)) (ص ٣) في حين أن هذا الكتاب مليء بكفر ظاهر لا يقبله مسلم ومع ذلك فإن النقشبنديين يثنون عليه ويحتجون به. وانظر ((البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية)) (ص ٤٨) لمحمد بن عبد الله الخاني، وانظر كتاب ((إرغام المريد في شرح النظم العتيد لتوسل المريد برجال الطريقة النقشبندية)) (ص٦٠) ((مكتوبات الإمام الرباني)) (١٣ و١٩٨) ((الرحمة الهابطة في ذكر اسم الذات وتحقيق الرابطة)) لحسين الدوسري ط: دار الكتب العلمية بهامش مكتوبات السرهندي (٢٧ و١٠٦). كل هذه كتب نقشبندية معتمدة ومعروفة عند القوم وهي التي كانت تحيل إلى هذا الكتاب وتمدح مؤلفه من غير أن تعترض على شيء فيه.
(٢) ((المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية)) لمحمد أمين الكردي (١١٨ - ١١٩) ((الأنوار القدسية في مناقب النقشبندية)) (ص١٣٠) لعبد المجيد الخاني جمع إبراهيم السنهوتي. ((الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية)) (ص١٣٠) ((البهجة السنية في آداب الطريقة النقشبندية)) (ص ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>