للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: نشأة القاديانية]

كانت البداية في منتصف القرن التاسع عشر، وعلى وجه التحديد سنة ١٨٥٧م حيث قام الإنجليز بالاستيلاء على الهند، وسقطت بذلك إحدى الدول الإسلامية الكبرى التي قامت في مستهل القرن السادس عشر الميلادي.

وبرغم ذلك فإن المسلمين إزاء هذا الاستعمار لم يقر لهم قرار، ولم يهدأ لهم بال، فقاوموا الاستعمار بشتى الوسائل، فقادوا الثورات، والحركات الداخلية، التي تطالب بجلاء المستعمر من بلادهم مما أفزع ذلك الإنجليز، وأقض مضاجعهم، وجعلهم يبحثون عن طريق يقاومون به تلك الحركات الجهادية التي تثار ضدهم من قبل المسلمين.

ولقد أدركت الحكومة الإنجليزية ذلك الخطر، وعرفت أن طبيعة المسلمين دينية؛ فالدين هو الذي يحركها، والدين هو الذي يُسكنها، وأن المسلمين لا يؤتون إلا من قبل العقيدة والإقناع الديني، وما يكون له طابع ديني.

واقتنعت أخيراً بأنه لا يؤثر في المسلمين وفي اتجاههم مثل ما يؤثر قيام رجل منهم باسم منصب ديني رفيع، ويجمع حوله المسلمين، ويخدم سياسة الإنجليز، ويؤمنهم من جهة المسلمين، وعائلاتهم. وفي شخص ميرزا غلام أحمد القادياني الذي كان مضطرب الأفكار والعقيدة، وكان طموحاً إلى أن يؤسس ديانة جديدة ويكون له أتباع ومؤمنون، ويكون له مجد واسم في التاريخ مثل ما كان للنبي " وجد الإنجليز ضالتهم؛ فاتخذوه وكيلاً لهم يعمل لمصلحتهم بين المسلمين (١).

المصدر:رسائل في الأديان للحمد - ص٢٩٨، ٢٩٩

ولكي تنطلي المكيدة على المسلمين ويلتفوا حول المنقذ الجديد أرسلت الحكومة البريطانية القساوسة يدعون إلى المسيحية وأوعزت إليهم من جهة أخرى إلى غلام أحمد بالتصدي لدعوة القساوسة والدخول معهم في مناظرات بعد الإعلان عنها لكي يعرف المسلمون المنقذ الجديد ويلتفوا حوله

المصدر:خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء للصادق بن محمد بن إبراهيم - ص٢٥٥،٢٥٦

فاحتضن الإنجليز القاديانية، وتبنوها، وبذلوا لنصرتها ما في وسعهم من الإمكانيات المادية والمعنوية؛ وذلك لما رأوا فيها من تحقيق مآربهم والتمكين لهم في الهند وفي غير الهند، واحتضنتها كذلك اليهودية العالمية، ولهم مراكز في أنحاء العالم وفي إسرائيل لنشر الإسلام - كما يزعم القاديانيون.

وقد نبعت هذه الفتنة في عصر كثر الاضطراب فيه وخَيَّم الجهل وانتشرت الأفكار والمبادئ الهدامة على أوسع نطاق، وتغلغلت بين صفوف المسلمين على حين غفلة منهم، حتى أصبحت طائفة كبيرة خصوصاً حينما تولى وزارة الدولة الباكستانية المسلمة وزير قادياني هو ظفر الله خان؛ فقد تولى وزارة الخارجية وعمل كل ما في وسعه لتمكين القاديانية والقاديانيين من الانتشار والظهور. وصارت قاديان ثم الربوة عاصمة للقاديانية ومركز دعوة ودعاية لها، وبدأت القاديانية توجه دعوتها إلى البلاد العربية والإسلامية، وبدأت تظهر في العراق وسوريا وتنتشر في أندونيسيا (٢) وبعض البلدان في أفريقيا (٣)، وتتمنى بإلحاح لو وُجِدَ من يصغي لها في الجزيرة العربية –حرسها الله من الفتن والارتداد الذي يراد لها - ففيها مهبط الوحي وإليها تهوي أفئدة المؤمنين بالله من كل قطر من أقطار الأرض.


(١) ((القاديانية ثورة على النبوة المحمدية والإسلام))، أبو الحسن الندوي (ص٥).
(٢) انظر: البحث الذي قدمه الشيخ مشفق أمر الله بن شمس الدين بعنوان: ((القاديانية في أندونيسيا)).
(٣) انظر: البحث الذي قدمه الشيخ سحنون تاج الدين بعنوان: ((القاديانية في غانا)).

<<  <  ج: ص:  >  >>