للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب العاشر: البيان]

والكتاب الثاني الذي يمثل جانب الاعتدال، والبعد عن الغلو إلى حد ما ظهر في عصرنا هذا، هو " (البيان في تفسير القرآن) ألفه السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي "، المرجع السابق للجعفرية بالعراق. ومع أن الكتاب لم يظهر منه إلاَّ المجلد الأول الذي يشمل المدخل وتفسير الفاتحة، إلاَّ أننا انتهينا إلى هذا الرأي لما يأتى: أولا ً: جاء في مقدمة الكتاب: " سيجد القارئ إني لا أحيد في تفسيري هذا عن ظواهر الكتاب ومحكماته، وما ثبت بالتواتر أو بالطرق الصحيحة من الآثار الواردة عن أهل بيت العصمة من ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وما استقل به العقل الفطري الصحيح الذي جعله الله حجة باطنة كما جعل نبيه - صلى الله عليه وعلى آله-وأهل بيته المعصومين عليهم السلام حجة ظاهرة، وسيجد القارئ أيضاً إني كثيراً ما أستعين بالآية على فهم أختها، وأسترشد القرآن إلى إدراك معاني القرآن، ثم أجعل الأثر المروي مرشداً إلى هذه الاستفادة (١).وفي بيانه لأصول التفسير قد فصل ما أجمله هنا (٢). ثانيا: أنه قد أسهب وأفاض في إثبات صيانة القرآن الكريم من التحريف (٣) وهو لا يكفر المخالفين لطائفته، بل يرى ويروي أن الإسلام يدور مدار الإقرار بالشهادتين (٤).ثالثاً: أنه أفاض كذلك في الحديث عن حجية ظواهر القرآن (٥).

رابعاً: أنه التزم بمنهجه هذا في تفسيره لفاتحة الكتاب، والقارئ لتفسيره يلمس هذا بوضوح. ومع هذا فأثر الإمامة نراه في قوله بصحة إطلاق الأسماء الحسنى على الأئمة (٦)، وبوجوب طاعتهم والخضوع لهم والتوسل بهم (٧) وفضل السجود على التربة الحسينية (٨) وجواز تقبيل قبورهم وتعظيمها (٩) وأن عبادتهم لله تعالى لا يرقى إليها إلاَّ المعصوم (١٠) وأنهم المأذون لهم في الشفاعة فيشفعون للشيعة، فلا يردهم ربهم عز وجل (١١).

هذا ما جاء في ثنايا تفسيره تأثراً بعقيدته، وهو لا ينزله عن مرتبة الطوسي في تبيانه. وبالطبع نتمنى أن يجعلوا ما يتصل بالإمامة في كتب أخرى غير كتب التفسير، ولكن السيد الخوئي إذا أتم تفسيره على المنهج الذي بينه فإنه أفضل بكثير من الكتب المنتشرة في الوسط الجعفري الآن.

وبعد: فهذه الكتب تمثل منهجين مختلفين في التفسير عند شيعة اليوم، يبين أحدهما أن الوسط الجعفري لما يتطهر من أولئك الذين يخضعون كتاب الله العزيز لأهوائهم وشهواتهم تأثراً بعقيدتهم في الإمامة، ويكشف الآخر عن وجود من ينشد الاعتدال، ويحكم العقل لا الهوى إلى حد ما، وإن لم يخل من الغلو والضلال.

المصدر:مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص ٥٩٢


(١) (ص ٢٢).
(٢) انظر (ص ٤٢١: ٤٢٧).
(٣) راجع (ص ٢١٥: ٢٧٨).
(٤) راجع (ص ٥٠٩، ٥٦٣، ٥٦٤).
(٥) انظر (ص٢٨١ - ٢٩١).
(٦) انظر (ص ٤٦١).
(٧) راجع (ص ٤٩٩، ٥٠١، ٥٠٢).
(٨) راجع (ص ٥٠٥).
(٩) انظر (٥٠٨).
(١٠) انظر (ص ٥١٠).
(١١) انظر (ص ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>