للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: المحكمة]

وهو أول تجمع يعد بمثابة التجمع الأم والأساس لكل الفرق التي أتت بعدها، وهذه – كما لا يخفى – انفصلت عن جيش الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين تمت الموافقة على التحكيم، ثم اشتد انفصالها بعد أن ظهرت النتيجة في غير ما كانوا يؤملون. وحينما خرجوا إلى حروراء كانوا يعاملون المسلمين الذين يخالفونهم في الرأي أبشع المعاملات وأقساها، يصفهم الملطي بقوله: " فأما الفرقة الأولى من الخوارج فهي المحكمة الذين كانوا يخرجون بسيوفهم فيمن يلحقون من الناس، فلا يزالون يقتلون حتى يقتلوا، وكان الواحد منهم إذا خرج للتحكيم لا يرجع أو يقتل فكان الناس منهم على وجل وفتنة " (١).

وهو يقصد بخروج الخارجي للتحكيم أن يحمل سيفه ثم يخرج مناديا في الناس: لا حكم إلا لله. وكان أول رئيس لهم هو عبد الله بن وهب الراسبي الذي قاد المعركة ضد علي بن أبي طالب في النهروان فقتلوا هناك شر قتلة. ومن أبشع جرائمهم قتلهم عبد الله بن خباب ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حدثهم بحديث يوجب القعود عن الفتن، فذبحوه على حافة النهر وبقروا بطن امرأته وكانت حبلى، وكان الذي تولى قتله - فيما يذكر الأشعري (٢) - مسعر بن فدكي، ويذكر البغدادي (٣) أنه رجل يسمى مسمعا؛ ويمكن الجمع بينهما بأن يقال إن مسعر بن فدكي الذي تولى رئاسة الوفد الذاهب إلى البصرة أمر مسمعا بقتل عبد الله بن خباب فقتله (٤)، ولعلهما شخص واحد حصل التصحيف في اسمهما لتقارب الشكل.

المصدر:الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص١٩٨


(١) ((التنبيه والرد)) (ص٥١).
(٢) ((مقالات الأشعري)) (١/ ٢١٠).
(٣) ((الفرق بين الفرق)) (ص٧٧).
(٤) وانظر: ((الكامل)) لابن الأثير (٣/ ٣٤١)، ((العقد الفريد)) (٢/ ٣٩٠)، ((أيام العرب في الإسلام)) (ص٣٨٥)، ((تلبيس إبليس)) (ص٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>