للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز]

- مساعدة الدروز للصليبيينبعد سقوط مدينة أنطاكية بيد الصليبيين في عام ٤٩٠هـ وتمكن القائد الصليبي بوهيموند من جعل أنطاكية مملكة له أخذ في الاستعداد للزحف جنوبا قصد السيطرة على بيت المقدس والأماكن المقدسة في فلسطين فتحركت جموع الصليبيين صوب جنوب بلاد الشام مستولية على ما في طريقها من مدن وقرى في هذا الوقت كان التنوخيون يشكلون عماد دعوة الدروز الموحدين في جبل لبنان وتذكر المصادر أنه عندما توجه الصليبيون نحو الجنوب لم يلاقوا أي مقاومة من قبل الأمراء المحليين بل أن بعض هؤلاء الأمراء صالح الصليبيين وأعطاهم الأمان أما التنوخيون الدروز فكان موقفهم من الزحف الصليبي سلبيا للغاية فلم يعترضوا سبيل القوات الصليبية القادمة من أنطاكية والمتجهة إلى بيت المقدس ولم يسموها بسوء بل مرت بأمان من جوارهم. (١).لم يقف التنوخيون الدروز عند حد وقوفهم متفرجين على الزحف الصليبي بل تعدى الأمر لأبعد من ذلك حيث قام أحد زعمائهم بمصالحة الصليبيين والانسحاب من صيدا وتسليمها لهم ففي عام ٤٩٥هـ ولى شمس الملوك دقاق ملك دمشق عضد الدولة علي التنوخي على مدينة صيدا وأمره بتحصين المدينتين (صيدا وبيروت) فحصنهما وأرسل إلى صيدا نائبا عنه هو الأمير مجد الدولة محمد بن عدي وظل في صيدا إلى أن سقطت بيد الفرنج عام ٥٠٤هـ فخرج منها بعد أن صالح الفرنج عليها بالأمان (٢).ظل الزعماء التنوخيون فيما بعد على هذه الشاكلة إما مصالحين للفرنج متفرجين عليهم أو يعقدون العلاقات الودية معهم وتقديم العون لهم ففي عام ٥٢٨هـ انتقلت إمارة التنوخيين إلى الأمير بحتر بن شرف الدولة علي والذي استطاع أن يحافظ على منطقة الغرب والتهيئة لسقوطها في يد الصليبيين وذلك بسبب مهادنته لهم وعدم الوقوف في وجههم ومحاربتهم (٣).وبعد وفاة الأمير بحتر انتقلت إقطاعاته وشؤون الإمارة إلى ابنه كرامة الملقب بـ (زهرة الدولة أبو العز كرامة) وفي هذا الوقت كانت حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين في أوجها على يد القائد المسلم نور الدين محمود الذي عمل على استقطاب الأمراء المحليين من حوله حتى يضمن تماسك الجبهة الإسلامية من الداخل وكان من ضمن هؤلاء الأمراء الأمير كرامة الذي سارع في الدخول في خدمة الدولة النورية مهملا الفرنج مما يدل على أن الأمير كرامة كان قبل ذلك محالفا للصليبيين داخلا في طاعتهم (٤). لكن الأمير كرامة لم يطل به العمر فلم يلبث أن توفي فخلفه في الإمارة أولادة الأربعة الذين لم يجدوا حرجا في مهادنة الفرنج وبناء العلاقات الجيدة مع حكام بيروت الصليبيين (٥).وفي أيام دولة المماليك وعندما كان الظاهر بيبرس يعمل على استعادة السواحل من الفرنج ازدادت شكوكه في علاقة الأمراء التنوخيين الدروز بالصليبيين فعلم باتصال الدروز بوالي طرابلس الصليبي فتوجس منهم خيفة فأصدر أمرا بالقبض على هؤلاء الأمراء ليأمن غدرهم ووضعهم في السجون وعندما توسط بعض الأمراء من المماليك لدى الظاهر بيبرس للإفراج عنهم كان جواب السلطان (هؤلاء لا إفراج عنهم ولا آذيهم حتى أفتح طرابلس وبيروت وصيدا) (٦).


(١) ((التنوخيون أجداد الموحدين الدروز)) (ص: ٨١) نديم حمزة.
(٢) ((التنوخيون أجداد الموحدين الدروز)) (ص: ٨٢) نديم حمزة.
(٣) ((التنوخيون أجداد الموحدين الدروز)) (ص: ٨٩) نديم حمزة.
(٤) ((التنوخيون أجداد الموحدين الدروز)) (ص: ٩١) نديم حمزة.
(٥) ((التنوخيون أجداد الموحدين الدروز)) (ص: ٩٤) نديم حمزة.
(٦) ((التنوخيون أجداد الموحدين الدروز)) (ص: ١١٠) نديم حمزة، و ((دراسات في الفرق)) عبدالله الأمين (ص: ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>