ولعلك تريد أن تعرف الوظيفة المناطة بكل هؤلاء الذين توزعوا في الأرض وتصرفوا في حياة الخلائق وحفظ الله بهم -في زعم الصوفية- الوجود وكيف تورث هذه الولاية:
يقول الشعراني عن شيخه ابن عربي:
"وقال في الباب الثالث والثمانين وثلاثمائة: اعلم أن بالقطب تحفظ دائرة الوجود كله من عالم السكون والفساد وبالإمامين يحفظ الله تعالى عالم الغيب والشهادة وهو ما أدركه الحس، وبالأوتاد يحفظ الله تعالى الجنوب والشمال والمشرق والمغرب، وبالأبدال يحفظ الله الأقاليم السبعة، وبالقطب يحفظ الله تعالى جميع هؤلاء لأنه هو الذي يدور عليه أمر عالم الكون كله فمن علم هذا الأمر علم كيف يحفظ الله الوجود على عالم الدنيا ونظيره من الطب علم تقويم الصحة (فإن قلت) فهل للقطب تصريف في أن يعطي القطبية لمن شاء من أصحابه وأولاده.
(فالجواب) ليس له تصريف في ذلك وقد بلغنا أن بعض الأقطاب سأل الله أن تكون القطبية من بعده لولده فإذا بالهاتف يقول له: ذلك لا يكون إلا في الإرث الظاهر وأما الإرث الباطن فذلك إلى الله وحده الله أعلم حيث يجعل رسالته. انتهي.
فعلم أنه ما حفظ من حفظ من الأولياء وغيرهم من جهاته الأربعة إلا بالأوتاد الذين كان منهم الإمام الشافعي رضي الله عنه وما حفظ من حفظ في صفاته السبع إلا بالأبدال السبعة فكل صفة لها بدل يحفظها على صاحبها من حياة وعلم وقدرة وإرادة وسمع وبصر وكلام. انتهي (اليواقيت والجواهر).
وهكذا يريد المتصوف إيهامك أن ما حفظ من سمعك وبصرك وقدرتك وعلمك، وحياتك وإرادتك إنما مرجعه إلى بدل من الأبدال السبعة الذين كان منهم الشافعي في زمانه ..
الشافعي هذا رضي الله عنه الذين يكذبون عليه والذي قال عن الصوفية بعد أن ارتحل عن العراق إلى مصر قال: "تركت بغداد وقد أحدث الزنادقة فيها شيئا يسمونه السماع" أ. هـ.
وقال أيضاً رضي الله عنه: "لا أرى إنساناً يتصوف أول النهار إلا يكون أحمق في آخره"!!!! .. والصحيح أن الحمق يصيب الأتباع والدهماء الذين يصدقون مثل هذه الخرافات ولكن الذين افتروا ذلك ودونوه لا شك أنهم دهاة عرفوا كيف يصرفون الناس عن عقيدة الإسلام إلى عقائد الكفر والوثنية .. فهؤلاء لم يتركوا ديناً أو فلسفة كافرة ولا زندقة إلا أضافوها إلى عقيدتهم وخرافاتهم وانظر إلى كيفية عمل الأبدال عندهم.
المصدر:الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق - ص ٢٤٠ - ٢٤٢