(٢) يجب التنبه هنا إلى عدم المبالغة في تقدير دور المؤامرة الشريرة على الإسلام، وإلقاء كل مصائب الأمة عليها، لكن بخصوص الصحابة رضي الله عنهم فمن تكريم الله لهم أن أصل الفتنة لم يكن منهم ولا بسببهم، وأنهم استطاعوا اجتياز أصعب وأحلك مواقفها دون أن يفقدوا شيئا من الخصائص الباهرة التي اكتسبوها من التربية النبوية، ثم ما كادت الجماعة تعود حتى استأنفوا مسيرتهم الضخمة في نشر الإسلام علما وجهادا، مما فرض على أفاعي المؤامرة الكمون في جحورهم حتى أتيحت لهم فرصة أخرى كان الصحابة رضي الله عنهم أو أغلبهم حينها قد لقوا ربهم، ومع ذلك استمرت مسيرة الإسلام الكبرى. نعم ظلت تتصدع ولكنها لم تسقط إلا بعد قرون، ولأسباب ليست خاصة بالمؤامرة ولا من صنعها وحدها، على أن وعد الله سيتحقق وتعود من جديد ولو بعد حين.