[المبحث السادس: البريلوية وتكفير المسلمين]
فإن القوم قد حصروا الإسلام في الجماعة التي تعتنق بدعتها ومخترعاتها. وتعترف بإمامة قادتها ومشيختها، ويدينون في الله بأنه متعطل متقاعد لا يملك شيئاً وقد سلم قدرته واختياره لأولياء الأمر وأصحاب الطرق وعباده. الذين يعدونهم هؤلاء صالحين، وهم أصحاب القدرة المطلقة والخيارات الإلهية والطاقات الصمدية، فالله ينزل من عرشه لزيارتهم، والكعبة تطوف حولهم. والملائكة خدم لأبوابهم والسماء مطوية بأيمانهم والأرض مقبوضة بشمائلهم، والسحب تنزل بأوامرهم، والأرزاق تقسم بإشارتهم، فهم يملكون الموت والحياة والبعث والنشور، وإحياء الموتى والسماع لمن في القبور وإغاثة الملهوفين وكشف كرب المكروبين ونصر المستغيثين ومدد المضطرين – عياذا بالله – وغير ذلك من الخرافات والترهات كما مر بيانها.
فعلى الجميع أن يسفّه رأيه ويحجر عقله ويغلف قلبه ويقول بهذا القول ويعتقد بهذا المعتقد وإلا فقد خرج عن الإسلام والإسلام البريلوي بتعبير صحيح. فأهل الحديث كفرة فجرة مرقوا عن الدين لأنهم قالوا باتباع الكتاب الذي أنزله الله على سيد البشر هدى للناس ورحمة للمؤمنين، واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فإنهم بتمسكهم بهذين الأمرين ضلوا وأضلوا لأنهم لم يدخلوا فيهما إطاعة أحمد رضا البريلوي ولا أذنا به وعملائه متمسكين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله" (١).
وقالوا إن الله لم يأمر في كتابه إلا إطاعته وإطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في الآيات الكثيرة الكثيرة ونورد منها ثلاثة فقط.
وَأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران: ١٣٢]
وأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال: ٢٠]
ويَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [محمد: ٣٣]
فلم يذكر فيها لا أحمد رضا ولا غيره ولم يلزمهم الإيمان به.
وكيف لا يكفرون وهم يدعون إلى كتاب الله وسنة رسول الله، والكتاب لا يشملهم والسنة لا توافقهم.
وأتباع محمد بن عبدالوهاب كفرة وفسقة لأنهم كفروا ببدعاتهم وخرافاتهم واعتقادهم بإلوهية رب العرش العظيم وبإمامة سيد المرسلين.
والديوبنديون مرتدون مارقون عن الدين خارجون عن الإسلام لأنهم لم يؤمنوا بالقصص التي اختلقوها والأساطير التي اخترعوها والخرافات التي جعلوها دينا وشريعة.
والندويون أنجاس مشركون لأنهم لم يبايعوا البريلوي ولم يذعنوا بإمامته وقيادته. ولم يتفوهوا بأقاويلهم وخزعبلاتهم، وكيف لا يمرقون عن الدين وهم يجعلون الفقه الحنفي حكماً بينهم وبين القوم. ومع ادعاء القوم أنهم أحناف فالفقه الحنفي يناوئهم ويخالفهم.
وشعراء الإصلاح في شبه القارة الهندية وكتابه وأدباؤه والدعاة إليه ضالون مضلون لأنهم بدعوتهم المسلمين إلى الإصلاح يبعدونهم عن التقاليد العتيقة والعادات القديمة والرسوم الجاهلية والأفكار الوثنية الهندوكية من عبادة الأوثان والقبور والركوع والخشوع أمام العتبات والدهاليز وأبواب المزارات، والخوف من الشجر والحجر والظل والقط والسنور وغير ذلك من الخرافات.
(١) أخرجه مالك بلاغا (١٥٩٤) وابن عبد البر في ((التمهيد)) (٢٤/ ٣٣١) وقال: محفوظ معروف مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد.