ظهرت الحكمة الصينية قديماً في القرن السابع قبل الميلاد حيث عاش المفكر لأوتسة في ذلك القرن وهو زاهد متقشف يرفض المتع البشرية ويريد الإصلاح لقومه، ويدعو إلى ترك العمل والتخلي عن الشهوات وحاجات الجسد المادية، وقد عاصر أيضاً حكيم الصين الأكبر (كونفوشيوس)، وقد كان مفكراً عمليا ومصلحاً إجتماعياً.
وحين عجز لاؤتسه (لي آره) عن إصلاح قومه ويئس من ذلك نزع إلى العزلة والهجرة، وحين طلب منه رجل أن يترك له كتاباً ترك له كتاب (تأوته) وهذا الإسم يتكون من مقطعين: (تآو) ومعناها الطريق الروحي (ته) النعمة أو اللطف الإلهي.
وهذه الكلمة تآو ذات دلالة صوفية وهي كلمة قديمة تشتمل على الأخلاق، وفلسفة الحياة، وعلة الوجود، ونظام الطبيعة الخالد (بزعمهم)، وهي عندهم علة العلل المتجلية في الخالق والمرئية في العالم.
وقد أكسب لاؤتسه هذه الكلمة معاني جديدة حين زعم أن الإنسان يستطيع الاتصال بالتأو عن طريق التجرد من الشهوات وعن طريق الرياضة الصوفية وترك الزهو وهجر الشعور الذاتي، فبذلك ينجو من شرك المادة (الجسد) ويترفع عن حواجز المكان والزمان ويكون بلوغ التآو في مراحل ثلاث: -
أ – تزكية النفس وتطهيرها.
ب- الإشراق
ج- الاتصال والاتحاد.
ونلاحظ أن هذه الأفكار والمعاني وجدت في التصوف سواءً بسواء فالعزلة وتعذيب الجسد وفكرة اللطف واعتزال الشهوات والطهارة والتزكية والاتحاد، فقد مُلئت كتب التصوف بها.
كما نلاحظ أن الإشراق الصيني هو فكرة شبيهة بالكشف عند الصوفية، كما أن الاتصال والاتحاد شبيه بالفناء عند الصوفية.
المصدر:مفهوم التصوف وأنواعه في الميزان الشرعي لمحمود يوسف الشوبكي - ص٣٠، ٣١