للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السادس والثلاثون: الصوفية والسحر]

الصوفية هي السحر، والفرق بينهما هو في الادعاء وفي الغاية، فالساحر صادق يعترف أنه ساحر، ويقف عند خرق العادة، والصوفي مخدوع يظن خرق العادة الذي يحدث أمامه من الكرامات، كما أنه يتجاوزه، ويبقى مثابراً على الرياضة حتى يصل إلى الجذبة، ثم يبقى مثابراً حتى يشهد وحدة الوجود، وهذه أقوال من أئمتهم تثبت أن الصوفية هي السحر. يقول الغزالي (حجة الإسلام): أما السحر فهو عمل وكلام قد تداولوه بينهم في أوقات معلومة وطوالع معروفة وطلسمات مضروبة، فإذا أردت أن تولد طلسما يصلح لما تريد، فخذ من كل ثلاثة أحرف حرفاً، فإذا اجتمعت لك في التأليف ثلاثة أحرف من تسعة فهو طلسم يصلح لما تريد، فانظر في الإسطرلاب عند ساعة التأليف، فهو يصلح لما دلت عليه الدقيقة من الساعة، ومثال: أب ت ث فتأخذ الجيم، والثاء أليق عوضاً عن الجيم، ج ح خ خذ الصاد، ص ط ظ خذ العين، فيصير عقرباً (١)، لتدوير الحروف، فضع صورتها على خاتم والقمر في العقرب تكف خاصيتها عنك أذى النساء، ترمي الخاتم في الماء فينفع سقياه الملسوع. وتلقي به سوءاً بين من أردت، وترش من مائه على سطح المبغض أو طريقه أو داره فإنه يستضر من سنة ... (ذكر كلمات تفرق بها بين جماعة فاسدة تخافهم) تأخذ أفراداً من شعير حزام، وتقول عليه أربع مرات: (هاطاش ماطاش هطاشنة، وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)، وترميه من حيث لا يشعرون، وتنظر ما يصنع الله ... وكثير مثل هذا، وقد حصرناها وشرحناها في كتاب (عين الحياة)، وهو صغير الحجم كثير الفوائد (٢) ... ومما يقول: واعلم أن هذه الصناعة (صناعة الإكسير) هي صناعة ربانية لا يقدر عليها إلا الأبدال والرجال والأبطال الذين كشف الله الرين عن عيون قلوبهم، وهذه لا تصح إلا للطائع ... ونحن نذكر خواصاً دالة مظهرة لبدائعها وصناعتها مذكورة في كتاب (عين الحياة) (٣) ...

ومما يقول: من أراد أن لا تبصره ولا تراه العيون، فليزرع الخروع عند بدو زراعة القطن في رأس سنور أسود، فإذا طلع يخيط عليه كيساً، ويربيه حتى يجني القطن، ثم يقطف العنقود كما هو بكيسه، ويشقه حجرة، ويأخذ مرآة بيده، ثم يقطف منه حبة حبة ويضعها في فمه وينظر صورته في المرآة، فأي حبة لم يشاهد فيها نفسه عند نظر المرآة فليمسك عليها.

ولهم الأبهر الضم، وهو نبت في الأرض على صورة ابن آدم، فهذا يصلح لمن علقه على نفسه، لو مر بحجر لتبعه الحجر. ولهم حشيشة تسمى بحشيشة الراسن، تبخر من أوراقها على اسم من تريد، فيأتيك وإن لم يرد، ولكن بشرط أن تقول هذه الكلمات على البخور، تقول: يا جامع يا جن اجمعوا وقدموا لاق لاق عاجلاً عاجلاً أشروثا أشروثا كبيبا الصبي، ائتنا كرهاً أو طوعاً، قالتا أتينا طائعين، وليكن في يوم الأحد أو الأربعاء (٤) ...

ومما يقول:


(١) جصع أو ثصع لها شكل العقرب إذا قلبت إلى الأعلى.
(٢) ((سر العالمين)): (٢/ ٦٥، ٦٦).
(٣) ((سر العالمين)): (٢/ ٦٨).
(٤) ((سر العالمين)): (٢/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>