[المطلب الثاني: وسطيتهم في الحكم على أصحاب المعاصي]
وتظهر وسطية أهل السنة في أصحاب المعاصي من خلال معرفة حكمهم عليهم في الدنيا والآخرة وحكم المخالفين عليهم في الدنيا والآخرة أيضاً.
فما هو حكم أصحاب المعاصي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة؟
والجواب: عند أهل السنة حكم العاصي في الدنيا أنه لا يخرج عن اسم الإسلام ويقال له مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأما في الآخرة فحكمه إلى الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه ولا يخلد في النار مثل سائر الكفار إن دخلها، وهذا هو الذي تجتمع عليه النصوص من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
أما غير أهل السنة فكانوا بين إفراط وتفريط في الحكم على العاصي فقد حكم عليه بعضهم كالخوارج بأنه كافر في الدنيا ومخلد في الآخرة في النار أو هو في منزلة بين المنزلتين في الدنيا فلا هو مؤمن ولا هو كافر ولكنه في الآخرة مخلد في النار، وهذا حكم المعتزلة وقابلت الجميع المرجئة فحكموا بإيمانه إيماناً كاملاً في الدنيا وهو في الآخرة مع النبيين الصديقين والشهداء.
وحجة الجميع تتفق في أنهم يرون أن الإيمان كشيء واحد لا يتبعض فلا يزيد ولا ينقص فإما يكون الشخص عاصياً –والعاصي ليس بمؤمن- وإما أن يكون طائعاً –وهو المؤمن- وحكم الكافر والمؤمن معروفان في الإسلام.
وبالتأمل في موقف أهل السنة من أصحاب الذنوب وموقف من سواهم ممن ذكرنا تتضح بجلاء وسطية أهل السنة وصدق قول الله تعالى فيهم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:١٤٣]