للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها انقسمت الشيعة الاثنا عشرية إلى فرق كثيرة (١)، من أهمها وأشدها خطراً وأكثرها نفوذاً وشوكة وتأثيراً في المجتمع الشيعي، ومن أشدها نشاطاً في دعوى ظهور المهدي: الشيخية والرشتية، بغض النظر عن الخلاف بينهم وبين الاثني عشرية.

أولاً: الشيخية: قال الألوسي: وقد يقال لهم الأحمدية (٢)، وهي طائفة تنتسب إلى رجل يقال له الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي البحراني، المولود سنة ١١٦٦هـ، والمتوفي سنة ١٢٤٣هـ، وهو شيخ ضال ملحد، له آراء كفرية وزندقة ظاهرة، ومهد السبيل بآرائه لظهور ملاحدة جاءوا بعده.

وأما بالنسبة للشيعة فقد مجدوه، وذكروا له ألقاباً هائلة من التبجيل والتعظيم، فأطلقوا عليه –كذباً وزوراً- ترجمان الحكماء، لسان العرفاء، غرة الدهر، فيلسوف العصر ... إلخ.

وقد عاش الإحسائي كاتباً ومدرساً في مدن الشيعة الهامة، مثل كربلاء وطوس وغيرهما من البلدان، ونشر أفكاره ومعتقداته الضالة، وكون له أتباعاً كان لهم أثر في قيام حركات أخرى كالبابية والبهائية.

أهم معتقدات الإحسائي:

زعم أن الله –تعالى عن قوله- تجلى في علي وفي أولاده الأحد عشر، وأنهم مظاهر الله، وأصحاب الصفات الإلهية، وهي عقيدة حلولية مستمدة من عقائد البراهمة وغلاة الصوفية. أرجع وجود هذا الكون وما فيه إلى وجود الأئمة، وأنهم هم العلة المؤثرة في وجوده إذ لولاهم ما خلق الله شيئاً، وبمثل هذا قال الغلاة عبارتهم المشهورة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم – بما لا يرضاه-: ((لولاك لولاك ... لما خلقت الأفلاك)) (٣) وهو غلو فاحش يجب التوبة منه.

وزعم في محمد بن الحسن العسكري المهدي المزعوم عند الشيعة مزاعم غريبة، منها أن المهدي المذكور يتجلى ويظهر في كل مكان في صورة رجل يكون هو المؤمن الكامل، أو الباب إلى المهدي، وتحل فيه روح المهدي، ثم ادعى لنفسه وجود هذه الصفة فيه، وضلل كثيراً ممن سار على شاكلته إلى أن هلك.

ثانياً: الرشتية: وبعد هلاك الشيخ أحمد الإحسائي قام بأمر الشيخية أحد تلامذته وخريجيه، ويسمى كاظم الحسني الرشتي (٤) سنة ١٢٤٢هـ .. ونهج نفس المنهج والطريق التي عليها سلفه في كثير من المسائل، وخالفه في أخرى، إلا أنه زاد الطين بلة حين: إنه حل فيه روح الأبواب كما حل في الإحسائي، ولكن آن الأوان لانقطاع الأبواب ومجيء المهدي نفسه.

ومن هنا بدأ يلتمس ظهور المهدي، وهو في الحقيقة إنما بحث عن صيد فوجده، حيث وقع اختياره على شخصية من تلاميذه ليجعل منه المهدي المنتظر بعد أن لمس أن هذه الدعوى يمكن أن تجد لها أتباعاً.

وقد نشر الرشتي مذهبه الفاسد حتى صارت له أماكن كثيرة وأتباع كثيرون من شيعة إيران وعربستان وأذربيجان والكويت، وانتشرت أفكاره أيضاً في الهند وباكستان، وافتتحت فيهما مراكز كثيرة، وتأتيهم المساعدات من تلك الأماكن التي وصل انتشار الشيخية إليها. وهناك فرقة أخرى هي محل نظر في إلحاقها بالشيعة الاثني عشرية أو الصوفية، وتسمى النوربخشية نسبة إلى رجل يسمى محمد نور بخش القوهستاني المولود سنة ٧٩٥ هـ (٥).

المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ١/ ٣٥٥


(١) عند الأشعري ٣٠ فرقة بالزيدية. وفي ((مختصر التحفة الاثني عشرية)) أنهم ٣٩ فرقة (ص٢١).
(٢) ((مختصر التحفة الاثني عشرية)) (ص٢٢).
(٣) أورده الصغاني في موضوعاته (٧٨) وقال الألباني في الضعيفة (٢٨٢) موضوع
(٤) ((مختصر التحفة الاثني عشرية)) (ص٢٢).
(٥) انظر: ((الشيعة والتشيع)) (ص٣٠٧ - ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>