للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء]

أما عقيدة البهائية في الرسل والأنبياء فهي الأخرى تنضح بتقديس البهاء إذ يرفعونه فوق كل الرسل والأنبياء فيزعمون أن كل الرسل جاءت لتبشر به وأن الله يظهر لعباده من خلال رسله والبهاء هو أكمل الهياكل التي يظهر فيها الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ويزعمون أن باب الرسالة مفتوح لم يغلق وأن كل دورة - مصطلح مخترع- لها رسول والدورة ألفا عام (٢٠٠٠ عام) وأن هذه دورة البهاء.

ومن دراسة التاريخ نعلم أن بين عيسى عليه السلام وبين محمد صلى الله عليه وسلم واحدا وسبعين وخمسمائة عام (٥٧١ سنة) وكان لوط وإسماعيل معاصرين لإبراهيم وكان يوشع معاصرا لموسى وكان زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام في زمن واحد وكان يوسف معاصرا ليعقوب عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين، فأي كذب يتكلم به هؤلاء.

وقد ختم الله بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم باب الرسالات وأكمل به الدين وأتم به النعمة على المسلمين فما الحاجة إلى رسول جديد بعدما أتم الله الدين الذي ارتضاه لخلقه قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:٣]

ويحاول هؤلاء التلاعب بنصوص الكتاب والسنة وتحريفها لأنهم يعلمون أن المسلمين سيكذبونهم فقد قال الله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب:٤٠] فهم يحاولون المراوغة فيتكلمون بما يكشف جهلهم باللغة العربية فيقولون خاتم النبيين وليس خاتم المرسلين وقد كان البهاء رسولا لا نبيا، ورحم الله الشيخ عبد الحميد كشك لما جاءه بهائيون يناقشونه في أن بهاءهم رسول وليس نبيا، قال (فقلت لهم عرفوا لنا النبوة والرسالة فكان الجواب جهلا فقلنا لهم القاعدة الأصيلة في العقائد أنه لا نبوة بلا وحى ولا رسالة بلا نبوة ومن لم يوح إليه فليس نبيا ومن انتفت نبوته فقد انتفت رسالته إذ لا رسالة بلا نبوة).

وأما قولهم خاتم النبيين أي: حلية النبيين فمنشأه جهلهم الكبير باللغة إذ إن الخاتم في اللغة آلة الختم والطبع على الشيء دلالة على آخره، قال ابن منظور في لسان العرب: (خِتامُ القَوْم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم آخرُهم وخاتم النبيين آخرهم) وبهذا المعنى فسر المفسرون الآية.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره نقلا عن ابن عطية في تفسير الخاتم بالآخر قال (هذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاة على العموم التام مقتضية نصا أن لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم) ثم رد على تفسير الخاتم بالحلية بقوله (وهذا إلحاد عندى وتطرق خبيث إلى تشويش عقيدة المسلمين في ختم محمد صلى الله عليه وسلم النبوة فالحذر الحذر منه والله الهادي لرحمته) انتهي كلام القرطبي رحمه الله. وقد روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضوع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضع هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)) (١).وفي رواية مسلم ((فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء)) (٢).وروى البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم واللفظ للترمذى من حديث جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لي أسماءً أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي)) (٣).


(١) رواه البخاري (٣٥٣٥) ومسلم (٢٢٨٦).
(٢) رواه مسلم (٢٢٨٧).
(٣) رواه البخاري (٣٥٣٢) ومسلم (٢٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>