للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهور هؤلاء الكذابين الأفاكين الذين يوحى إبليس إليهم ويزين لهم سوء أقوالهم وأعمالهم. فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله)) (١). هكذا رواه البخاري باب علامات النبوة وروى مسلم في كتاب (الفتن وأشراط الساعة) من حديث أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم)) (٢).

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ لنَّبِيِّينَ [الأحزاب:٤٠] بعد ما ذكر ما سبق من الأحاديث الدالة على ختم الرسالة برسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: "وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب وأفاك دجال ضال مضل "اهـ. وقال رحمه الله: "وكل واحد من هؤلاء الكذابين يخلق الله تعالى معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب من جاء بها وهذا من تمام لطف الله تعالى بخلقه فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ويكونون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم كما قال تعالى: هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم [الشعراء:٢٢١،٢٢٢] الآية وهذا بخلاف حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم في غاية البر والصدق والرشد والاستقامة والعدل فيما يقولونه ويفعلونه ويأمرون به وينهون عنه مع ما يؤيدون به من الخوارق للعادات والأدلة الواضحات والبراهين الباهرات فصلوات الله وسلامه عليهم دائما مستمرا ما دامت الأرض والسماوات"

وقد علم ذلك الأفاك الأثيم الذي تنزلت عليه الشياطين المدعو بالبهاء أن الناس قد يتساءلون عن معجزاته الحسية إذ إن سنة الله ماضية في أنبيائه بتأييدهم بالمعجزات وكذلك سنته جل وعلا ماضية في خذلان الأفاكين والكذابين وفضحهم وإظهار عجزهم فذهب هذا الكذاب إلى إنكار المعجزات التي أجراها الله على أيدي الأنبياء تأييدا لهم كعصا موسى وناقة صالح وإحياء عيسى الموتى وإبرائه الأكمه وانشقاق القمر لمحمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.

فأخذ يتلاعب بمعاني هذه النصوص في الكتب السماوية ويؤولها تأويلا باطلا لا يقره من له أدنى علم باللغة لكي لا تدل على حصول إعجاز للأنبياء فلا يطالبه أحد بمعجزة فجعل عصا موسى هي عصا الأمر والحية هي ثعبان المقدرة واليد البيضاء بيضاء المعرفة ونفى معجزة عيسى أنه أبرأ الأكمه والأبرص فجعل الأكمه (الجاهل) وإبراءه بالعلم والأبرص (الضال) وإبراءه بالهداية وأوّل إحياء الموتى بتعليم الجاهل وما أرى ذلك إلا حقدا منه على أنبياء الله ورسله إذ أيدهم الله بالمعجزات وأخزاه هو على رءوس الأشهاد.

المصدر:فتنة البهائية تاريخهم عقائدهم حكم الإسلام فيهم لأبي حفص أحمد بن عبد السلام السكندري


(١) رواه البخاري (٣٦٠٩)
(٢) رواه مسلم (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>