إن البريلوي لم يكتب كتابا، وإنما كتب الفتاوى في جواب استفتاءات يستفسره الناس من طائفته فكان يرد على أسئلتهم ويفتيهم على استفتاءاتهم بمعونة أشخاص عديدين الذين كانوا معينين موظفين عنده لأداء هذه المهمة، ولأنهم كانوا أفرادا عديدين لذلك كان كل واحد يكتب ويجمع الجواب من كتب فقهية موجودة، وربما كانت ترسل الاستفتاءات إلى مدن أخرى لوجود بعض الكتب هناك وبعض المساعدين فيها فكانوا يرسلون الأجوبة بالعبارات المنقولة من بطون هذه الكتب ثم تجمع هذه الفتاوى كلها وتقدم إلى البريلوية، والبريلوي يجمعها ويصوغها في عباراته بدون التنقية والتنقيح، وعلى ذلك يوجد فيها الإبهام الشديد والتعقيد والإغلاق، ويوقع القارئ في الحيرة والاضطراب، ثم قبل إرسالها إلى المستفتي كان يطلق عليها الاسم المناسب للاستفتاء والاسم التاريخي الآخر أي الاسم الذي يخرج منه تاريخ كتابة الفتوى وبعد نقلها عنده يرسلها إلى المستفتين، وأحيانا كان يطبعها قبل أن يرسلها بصورة كتيب أو رسالة، وهذا كان دأبهز
وكان يراعي في الفتاوى أن يكون فيها الرد على المتمسكين بالكتاب والسنة والدعاة إلى التوحيد الخالص، ولذلك يرى القارئ أكثر ما يرى من انطلاقة قلمه في المسائل الخلافية أو المسائل الخرافية كما يسميها المخالفون له مثل علم الغيب للرسل والأولياء والصالحين، وكونهم من جنس البشر أو النور، ووجودهم في بقعة من بقاع العالم في آن واحد وحياتهم بعد وفاتهم وتصرفاتهم الكاملة في عالم الكون والتدبير أثناء وجودهم في الدنيا وغيابهم منها، وقدرتهم واختياراتهم، والتبرك بالقبور وأصحابها وبالتماثيل والصور وغير ذلك من المسائل.
وعلى ذلك يمكن القول بأنه لم يؤلف وحتى في فتاويه إلا ما يعدّ على أصابع اليدين لأن جل فتاويه أن لم نقل كلها يدور حول هذه المواضيع، الواحدة المتحدة في ذاتها وجوهرها.
وإليكم النصوص التي تثبت ما قلناه من كتب القوم أنفسهم،
أولا: إن قول البريلويين إن كتبه تتجاوز الألف هذا مما لا يثبت بالدليل لأن لفظة الكتاب لا تشمل إلا فتاواه التي طبعت في ثماني مجلدات فقط صغير الحجم وكبيرة، والباقي كلهاه رسائل وكتيبات لا يطلق عليها اسم الكتاب.
ومن الطرائف أن الفتاوى بمجلداتها الثمانية لم يطلق عليها اسم الكتاب إلا أنه أدرج فيها هذه الرسائل والكتيبات جميعا فغرق جل هذه الرسائل إن لم نقل كلها في هذه المجلدات وأدرج فيها، ومثال ذلك (الفتاوى الرضوية) المجلد الأول من هذه المجلدات الثمانية، وهو يشتمل على أحدى وثلاثين رسالة التي عددناها بالنظرة الخاطفة الأولى. وهذه هي أسماءها:
وبعض هذه الرسائل لا تشتمل إلا على ست صفحات مثل (تنوير القنديل) وسبع صفحات مثل (تبيان الضوء) والبعض على ثماني صفحات مثل (لمع الأحكام) و (هبة الحمير).فهذه هي حقيقة القوم وهذه هي حقيقة العدد الكبير لمؤلفات الرجل، وقد ذكرت هذه الرسائل في عداد مؤلفاته (١).