للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع: نزعة التشيع وإذا كان هذا في عموم النزعات المذهبية، فلنزعة التشيع – وهي موضع البحث – من ذلك نصيب وافر، ويشخص لنا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – داء المذهبية عند الرافضة، وعمق الكذب عن الشيعة حين يقول: ولهذا كانوا أكذب فرق الأمة، فليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة أكثر كذبا ولا أكثر تصديقا للكذب وتكذيبا للصدق منهم، وسيما النفاق فيهم أظهر من في سائر الناس، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان)) (١) وفي رواية: ((أربع من كن فيه كان منافقا خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) (٢) وكل من جربهم يعرف اشتمالهم على هذه الخصال، ولهذا يستعملون " التقية " التي هي سيما للمنافقين واليهود ويستعملونها مع المسلمين يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح: ١١]. ويحلفون ما قالوا وقد قالوا، ويحلفون بالله ليرضوا المؤمنين والله ورسوله أحق أن يرضوه ... (٣).

وينتهي – ابن تيمية – إلى أنهم شرّ من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج، وهذا – كما يقول – هو السبب فيما شاع في العرف العام أن أهل البدع هم الرافضة (٤).

وأنهم إن لم يكونوا شراً من " الخوارج " المنصوصين فليسوا دونهم (٥) , ثم يعرض للمقارنة بين النحلتين، ومؤكداً أن الخوارج أقل ضلالا من الروافض مع أن كل واحدة من الطائفتين مخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله ومخالفة لصحابته وقرابته، ومخالفون لسنة خلفائه الراشدين ولعترته أهل بيته (٦).

وينقل لنا في كتابه (منهاج السنة) اتفاق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، وأن الكذب فيهم قديم (٧).

ثم يقول: ومن تأمل كتب الجرح والتعديل المصنفة في أسماء الرواة والنقلة وأحوالهم مثل كتب يحيى من معين، والبخاري، وأبي أحمد بن عدي، والدارقطني، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ويعقوب بن سفيان الفسوي، وأحمد بن صالح العجلي، والعقيلي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، والحاكم النيسابوري، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأمثال هؤلاء الذين هم جهابذة ونقاد وأهل معرفة بأحوال الإسناد رأي المعروف عندهم الكذب في الشيعة أكثر منهم في جميع الطوائف (٨).

ثم ينقل – ابن تيمية – تحرج أصحاب الصحيح عن النقل عن خيارهم فضلا عن من دونهم فيقول: حتى أن أصحاب الصحيح كالبخاري لم يرو عن أحد من قدماء الشيعة مثل: عاصم بن ضمرة، والحارث الأعور, وعبد الله بن سلمة, وأمثالهم، مع أن هؤلاء من خيار الشيعة (٩).

ثم يوثق ابن تيمية نقولاً عن الأئمة الأعلام في كذب الرافضة، فيروي عن " مالك " قوله: وقد سئل عن الرافضة: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون (١٠).


(١) رواه البخاري (٣٣) ومسلم (٥٩)
(٢) رواه البخاري (٣٤) ومسلم (٥٨)
(٣) [٩٧٠٦] انظر ((الفتاوى)) (٢٨/ ٤٧٩).
(٤) [٩٧٠٧] انظر ((الفتاوى)) (٢٨/ ٤٨٢).
(٥) [٩٧٠٨] انظر ((الفتاوى)) (٢٨/ ٤٧٧).
(٦) [٩٧٠٩] انظر ((الفتاوى)) (٢٨/ ٤٨٣ - ٤٩٣).
(٧) [٩٧١٠] ((منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية)) (١/ ١٦).
(٨) [٩٧١١] ((منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية)) (١/ ١٨).
(٩) [٩٧١٢] ((منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية)) (١/ ١٨). قال ابن تيمية معلقا على هذه النصوص: وهذه آثار ثابتة قد رواها أبو عبد الله بن بطة في (الإبانة الكبرى) هو وغيره. ((المنهاج)) (١/ ١٦ - ١٧).
(١٠) [٩٧١٣] ((المنهاج)) (١/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>