لقد وقع فقهاء الإمامية في مأزق عظيم عندما أجمعوا أن نصف الخمس وهو حق الله ورسوله والإمام الغائب, ويجب أن يعطى للمجتهد الذي يقلده الشيعي العامي, والنصف الآخر يقسمه على الفقراء الهاشميين واليتامى وأبناء السبيل منهم، فقد غاب عنهم أن كان هذا هو الحكم الشرعي بالنسبة للمقلدين من العوام, ولكن ما هو الحكم بالنسبة للمحتاط الذي لم يأخذ برأي فقيه واحد فهل أن الخمس ساقط عنه؟ أم أنه يستطيع التصرف فيه كما يشاء، ومن هنا يظهر أن بدعة الخمس بالمفهوم الشرعي مع إصرار الفقهاء عليها لم تكن دقيقة, وفيها فجوات تحكي ببطلانها بوضوح، إن بدعة الخمس بالمفهوم الشيعي إنما هو مفهوم مخالف لسنة الرسول والخلفاء الراشدين وأئمة الشيعة, لأن الخمس في الإسلام هو الخمس في الغنائم وليس في أرباح التجارة والمكاسب قط.
ومن هنا أطالب الشيعة في هذه الرسالة التصحيحية وأحثهم على أن لا يدفعوا هذه الضريبة التي ما أنزل الله بها من سلطان لأي فقيه وتحت أي غطاء ولكنني أحثهم على المساهمة في الأمور الخيرية ومساعدة الفقراء والمؤسسات الاجتماعية والعلمية مباشرة وبلا وسيط, وليعلموا أن الأمم التي وصلت إلى قمة المجد إنما وصلت بالسخاء والعطاء، وإذا أرادت الشيعة أن تساعد الفقراء والمجتهدين ورجال الدين فنعما وهذا حسن وجميل ولكن على أن تكون مساعدة شخصية لقضاء مآربهم الخاصة لا لكي يكونوا وسطاء في توزيع الأموال على الغير كما هو شأنهم حتى كتابة هذه السطور.