للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس: مراتب الحديث الإخباريون من الجعفرية ـ وهم قلة قليلة ـ لا علم لهم بمصطلح الحديث، فهم يتلقون بالقبول كل ما ورد عن أئمتهم في كتب الحديث المعتمدة عندهم، بل يرون تواتر " كل حديث وكلمة بجميع حركاتها وسكناتها الإعرابية والبنائية وترتيب الكلمات والحروف " (١) وكتب الحديث هذه أربعة ظهرت في القرنين الرابع والخامس، وأصحابها يرون صحة ما أثبتوا في كتبهم. والجعفرية الاثنا عشرية ظلوا قرابة ثلاثة قرون بعد ظهور هذه الكتب لا يفترقون كثيراً عن النزعة الإخبارية، فأول من وضع مصطلح الحديث وبين مراتبه عندهم هو الحسن بن المطهر الحلي الملقب بالعلامة الذي توفي سنة ٧٢٦ هـ (٢). والحديث عند جمهور الجعفرية ينقسم إلى متواتر وأخبار آحاد. وأثر عقيدتهم الباطلة يظهر في المتواتر باشتراطهم " أن لا يكون ذهن السامع مشوباً بشبهة أو تقليد يوجب نفي الخبر ومدلوله " (٣) وندرك الأثر هنا عندما نراهم يقولون: " بهذا الشرط يندفع احتجاج مخالفينا في المذهب على انتفاء النص على أمير المؤمنين رضي الله عنه - بالإمامة " فإذا ما نقل بالتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينص على إمامة أحد من بعده فالاتهام يوجه إلى السامعين، وبذلك يصلون إلى هدفهم بعدم حجية هذا النقل. وعلى العكس من هذا نراهم يذهبون إلى تواتر حديث الثقلين والغدير (٤).

فعقيدة الإمامة توجههم في رفض الأخذ بالتواتر أو رفع غيره إلى مرتبته، ما دام الخبر متعلقاً بهذه العقيدة. وأخبار الآحاد عندهم تنقسم إلى أربع مراتب، هي أصول الأقسام وإليها يرجع كل تقسيم آخر، وهذه المراتب هي: الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف. فأما الصحيح عندهم فهو: " ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة " (٥).

وزاد بعضهم في التعريف أن يكون العدل ضابطاً، ورأى صاحب (مقباس الهداية) أن قيد العدل يغني عن ذلك، فمن ليس ضابطا فليس بعدل أي أنهم متفقون على أن شروط الصحة هي:-

١. اتصال السند إلى المعصوم بدون انقطاع.

٠٢ أن يكون الرواة إماميين في جميع الطبقات.

٠٣ وأن يكونوا كذلك عدولا ضابطين.


(١) ((تنقيح المقال في أحوال الرجال)) (ص ١٨٣).
(٢) انظر ((ضياء الدراية)): (ص٢٣).
(٣) ((ضياء الدراية)): (ص ١٧).
(٤) انظر ((الأصول العامة للفقه المقارن)): (ص ١٩٦).
(٥) ((مقباس الهداية في علم الدراية)) (ص ٣٣)، و ((ضياء الدراية)) (ص ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>