[المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام]
لاشك أن مسالة العلم بما في الأرحام من الأمور الغيبية التي لا يعلمها أحد إلا الله سبحانه وتعالى. ونكتفي في هذا الباب على تقديم فتوى اللجنة الدائمة إلى القارئ، وفيما يلي نص السؤال والجواب:
السؤال: في عدد العربي ٢٠٥ ص٤٥ التاريخ ديسمبر ١٩٧٥م في سؤال وجواب أثبت أن الرجل هو الذي يحدد نوع الجنين فما موقف الدين من هذا؟ وهل يعلم الغيب أحد غير الله؟.
الجواب: أولاً: إن الله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يصور الحمل في الأرحام كيف يشاء فيجعله ذكراً أو أنثى كاملاً أو ناقصاً، إلى غير ذلك من أحوال الجنين، وليس ذلك إلى أحد سوى الله سبحانه؛ قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:٦]، وقال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:٤٩ - ٥٠] فأخبر سبحانه أنه وحده الذي له ملك السماوات والأرض، وأنه الذي يخلق ما يشاء فيصور الحمل في الأرحام كيف يشاء من ذكورة أو أنوثة، وعلى أي حال شاء من نقصان أو تمام ومن حسن وجمال أو قبح ودمامة إلى غير ذلك من أحوال الجنين ليس ذلك إلى غيره ولا إلى شريك معه، ودعوى أن زوجاً أو دكتوراً أو فيلسوفاً يقوى على أن يحدد نوع الجنين دعوى كاذبة، وليس إلى الزوج ومن في حكمه أكثر من أن يتحرى بجماعه زمن الإخصاب رجاء الحمل، وقد يتم له ما أراد بتقدير الله وقد يتخلف ما أراد، إما لنقص في السبب أو لوجود مانع من صديد أو عقم أو ابتلاء من الله لعبده، وذلك أن الأسباب لا تؤثر بنفسها وإنما تؤثر بتقدير الله أن يرتب عليها مسبباتها، والتلقيح أمر كوني ليس إلى المكلف منه أكثر من فعله بإذن الله، وأما تصريفه وتكييفه وتسخيره وتدبيره بترتيب المسببات عليه فهو إلى الله وحده لا شريك له، ومن تدبر أحوال الناس وأقوالهم وأعمالهم تبين منهم المبالغة في الدعاوى والكذب والافتراء في الأقوال والأفعال جهلاً وغلواً في اعتبار العلوم الحديثة وتجاوزاً للحد في الاعتداد بالأسباب، ومن قدر الأمور قدرها ميز بينما هو من اختصاص الله منها وما جعله الله إلى المخلوق بتقدير منه لذلك سبحانه".
وجاء أيضاً في "فتاوى اللجنة الدائمة" السؤال والجواب التالي:
السؤال: يقول الله تعالى في كتابه العزيز: إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:٣٤]، من ضمن الآية الكريمة أن الله يقول: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ [لقمان:٣٤]. لقد صار بيني وبين أحد الأصدقاء نقاش كبير حول هذه الآية، فلقد قال لي إن العلم الحديث والأطباء قد توصلوا لمعرفة ما في رحم المرأة هل هو ذكر أم أنثى بواسطة الأشعة، وقلت له: الله سبحانه يقول: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ [لقمان:٣٤]، هل معنى الآية أن العلم لم يكتشف ما في الأرحام أم أن الآية تفسيرها غير ذلك؟