للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: إيمان الشيعة الكامل بالرجعة ومروياتهم فيها:]

إن هذا الموضوع - موضوع الرجعة - هو من المعتقدات الأساسية في المذهب الشيعي. ومفاده أن الأئمة الاثني عشر سيعودون إلى الدنيا في آخر الزمان، الواحد بعد الآخر؛ لكي يحكموا الدنيا تعويضاً لهم عن حرمانهم من حقهم في الحكم الذي حرموا إياه إبان حياتهم، ويكون أول إمام يرجع إلى الدنيا هو الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" الذي يمهد الأمر لآبائه وأجداده؛ فيتولون الحكم من بعده واحداً بعد الآخر حسب التسلسل الزمني لهم، فيحكم الواحد منهم فترة من الزمن، ثم يموت مرة أخرى ليتولى بعده الحكم من يليه في الترتيب، وهكذا حتى الإمام الحادي عشر "الحسن العسكري"، وتقوم القيامة بعد ذلك.

ولقد نسبت روايات كثيرة في هذا الأمر إلى كل من الإمامين الجليلين: محمد الباقر وولده جعفر الصادق، منها على سبيل المثال: قال أبو عبد الله - يعني: سيدنا جعفراً -: "ينادى باسم القائم - أي: الإمام محمد الثاني عشر- في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء، لكأني به في اليوم العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبريل عن يمينه ينادي: البيعة لله، فتسير إليه الشيعة من أطراف الأرض تطوى لهم طياً حتى يبايعوه، وقد جاء في الأثر: إنه يسير من مكة حتى يأتي الكوفة، فينزل على نجفنا، ثم يفرق الجنود منها في الأمصار".

وروى الحجال عن ثعلبة عن أبي بكر الحضرمي عن سيدنا محمد الباقر قال: "كأني بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة، وقد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد".

وروى عبد الكريم الجعفى قال: "قلت لأبي عبد الله - يعني: سيدنا جعفراً -: كم يملك القائم عليه السلام؟ قال: سبع سنين، تطول حتى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فتكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه".وروى عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله - يعني: سيدنا جعفراً الصادق - عليه السلام قال: "إذا قام القائم من آل محمد أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة أخرى، حتى يفعل ذلك ست مرات. قلت - يعني ابن المغيرة -: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال جعفر الصادق: نعم، منهم ومن مواليهم" (١).

إن الشيء الذي يدعو إلى التوقف طويلاً والتأمل كثيراً، هو أن هذه الروايات منسوبة إلى إمامين عظيمين جليلين من أئمة بيت النبوة، لم يعرف عنهما شيء من هذا العنف في التفكير أو التعبير، هما: محمد الباقر وولده جعفر الصادق، الأمر الذي أثار ثائرة بعض علماء الشيعة أنفسهم، وفي مقدمتهم الدكتور موسى الموسوي في كتابه (الشيعة والتصحيح) الذي مرّ ذكره.


(١) كتاب ((الإرشاد في تاريخ حجج الله على العباد)) لأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المشهور بالشيخ المفيد، (ص٣٩٨ - ٤٠٢) طبعة حجر - إيران.

<<  <  ج: ص:  >  >>