للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج]

وقد استند الذين كفروهم على ما ورد من أحاديث المروق المشهورة عند علماء الفرق؛ رادين الخوارج إلى سلفهم القديم ذي الخويصرة وموقفه الخاطئ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم موقف الخوارج أيضاً من الصحابة خصوصاً الإمام علياً وغيره ممن شارك في قضية التحكيم. والأحاديث الواردة فيهم كثيرة غير أن علي يحيى معمر يرى أن هذه الأحاديث إنما تصدق –على فرض صحتها كما يذكر- على المرتدين في زمن أبي بكر رضي الله عنه (١) وما رأيت أحداً من العلماء سبقه إلى هذا القول. ثم إن ما في الأحاديث من أوصاف الخوارج من كثرة قراءتهم للقرآن وتعمقهم في العبادة لا ينطبق على هؤلاء المرتدين في زمن أبي بكر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد كفرهم كثير من العلماء، لا نرى التطويل بذكر أسمائهم هنا. وإذا كان بعض العلماء يتحرج عن تكفيرهم عموماً فإنه لا يتحرج عن تكفير بعض الفرق منهم، كالبدعية من الخوارج الذين قصروا الصلاة على ركعة في الصباح وركعة في المساء. والميمونية- حيث أجازوا نكاح بعض المحارم كبنات البنين وبنات البنات وبنات بني الأخوة، ثم زادوا فأنكروا أن تكون سورة يوسف من القرآن لاشتمالها –فيما يزعمون- على ذكر العشق (٢) والحب، والقرآن فيه الجد، وكذا اليزيدية منهم، حيث زعموا أن الله سيرسل رسولاً من العجم فينسخ بشريعته شريعة محمد صلى الله عليه وسلم (٣).

المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ١/ ٢٩٥

وقد نظر الذين كفروا الخوارج أو كفروا بعضهم إلى ما أحدثوه من عقائد وأحكام مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة، فكفروهم ومن هؤلاء المكفرين من رد سلفهم القديم إلى ذي الخويصرة، ونظر إلى ما ورد في حقهم من الأحاديث التي تصفهم بالمروق من الدين؛ فكفرهم.


(١) ((الإباضية في موكب التاريخ)) (١/ ٢٩).
(٢) انظر: ((الملل والنحل)) (١/ ١٢٩). والقرآن لم يَدْعُ الناس إلى العشق وضرب المواعيد الفاجرة، وإنما دعى إلى ما تضمنته هذه السورة الكريمة من العفة وتقديم خوف الله على خوف غيره وكبح جماح النفس الأمارة بالسوء والشهوات الطائشة، ولو صار العشاق على حسب ما تضمنته سورة يوسف لصاروا أولياء.
(٣) ((الفصل)) لابن حزم (٤/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>