للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج ومن الجعفرية من ذهب إلى التخصيص كذلك، ولكن على أساس أن هذه المخصصات " هي المخصصات حقيقة، ولا يضر تأخرها عن وقت العمل بالعام، لأن العمومات المتقدمة لم يكن مفادها الحكم الواقعي، بل الحكم هو الذي تكفل المخصص المنفصل ببيانه. وإنما تأخر بيانه لمصلحة كانت هناك في التأخير، وإنما تقدم العموم ليعمل به ظاهراً إلى أن يرد المخصص، فيكون مفاد العموم حكماً ظاهرياً، ولا محذور في ذلك، فإن المحذور إنما هو تأخر الخاص عن وقت العمل بالعام إذا كان مفاد العام حكماً واقعياً لا حكماً ظاهرياً " (١).ويوضح عالم آخر هذا الرأي فيقول: " العام يجوز أن يكون وارداً لبيان حكم ظاهري صوري لمصلحة اقتضت كتمان الحكم الواقعي، ولو لمصلحة التقية، أو لمصلحة التدرج في بيان الأحكام كما هو معلوم من طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أحكام الشريعة، مع أن الحكم الواقعي التابع للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية إنما هو على طبق الخاص. فإذا جاء الخاص يكون كاشفاً عن الحكم الواقعي، فيكون مبيناً للعام ومخصصاً له، وأما الحكم العام الذي ثبت أولاً، ظاهراً وصورة، إن كان قد ارتفع وانتهى أمره، فإنه إنما ارتفع لارتفاع موضوعه، وليس هو من باب النسخ " (٢).ثم يعقب على هذا بقوله: " وإذا جاز أن يكون العام وارداً على هذا النحو من بيان الحكم ظاهراً وصورة: فإن ثبت ذلك كان الخاص مخصصاً، أي كان كاشفاً عن الواقع قطعاً. وإن ثبت أنه في حدود بيان الحكم الواقعي للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية، فلا شك في أنه يتعين كون الخاص ناسخاً له. وأما لو دار الأمر بينهما، إذ لم يقم دليل على تعيين أحدهما، فأيهما أرجح في الحمل؟ فنقول الأقرب إلى الصواب هو الحمل على التخصيص " (٣).ومع هذا الترجيح فقد رأى غيره أن هذه الحالة لا يجوز حملها إلا على النسخ (٤).


(١) ((فوائد الأصول)) (٤/ ٢٧٤).
(٢) ((أصول الفقه)) المظفر (١/ ١٤٤).
(٣) ((فوائد الأصول)) (١/ ١٤٤).
(٤) انظر ((الآراء المختلفة والترجيحات في الحاشية على الكفاية)) (٢/ ١٩٨ - ١٩٩)، و ((فوائد الأصول)) (٤/ ٢٧٣)، و ((أجود التقريرات)) (ص ٥٠٦: ٥١٢) و ((البيان)) (ص ٤٢٤: ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>