للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: سيرة البريلوي]

ولد قائد هذه الطائف وزعيمها ومؤسس هذا الحزب وبانيه في بيت علمي حيث كان أبوه نقي علي وجده رضا علي يعدّان من العلماء الأحناف (١) في ١٤ يونيو ١٨٦٥م الموافق ١٠ شوال ١٢٧٢هـ (٢) فسمى بمحمد، وأمه سمته أمّن ميان، ووالده أحمد ميان، وجده أحمد رضا (٣) ولكنه لم يرض بهذه الأسماء كلها فسمى نفسه عبدالمصطفى (٤) وكان يلتزم باستعماله في المكاتبات والرسائل والكتب.

...... وأما البريلويون فيحكون القصص وينسجون الأساطير في إمامهم مثل الطوائف الكثيرة التي يبنون عمائرها على الحكايات الباردة والمختلقات الباطلة لرفع قيمته وشأنه، وإعلاء كلمتهم ودعوتهم مع أن الكذب يجلب الذم والنقيصة بدل الثناء والمديحة، فيقولون:

إنه في الرابعة من عمره قرأ القرآن كله، وقبل الرابعة بكثير "يعني في الثالثة أو قبل ذلك" عندما جلس أول مرة لدى أستاذه ليبدأ بالألف والباء بدأ أستاذه ببسم الله الرحمن الرحيم، ثم علمه ألف، ب، ت إلى أن لقنه بقوله: لام ألف: لا، فسكت البريلوي، فلقنه أستاذه مرة أخرى قل: لام ألف لا، قال البريلوي الطفل: قرأت الألف وقرأت اللام، فلم مرة ثانية؟ فقال له جده رضا علي: يا بني إقرأ كما يعلمك معلمك، فنظر الطفل إلى جده نظرة عرف جده بنور إيمانه من نظرته تلك أن هذا الطفل سيكون شمسا للعلم والحكمة ويجلي العالم بنوره ويريد أن يكشف الأسرار من قلبه وبصره من الآن، فقال: صدقت أنت قرأت الألف واللام مقدما ولكن الألف الذي قرأته سابقا لم يكن ألفا حقيقية بل كانت همزة لأن الألف يكون ساكنا دائما ولا يمكن الابتداء بالساكن لأجل ذلك يؤتى بلام قبله حتى يعرف الألف ويعلم.

فالبريلوي الطفل لم يقتنع مرة ثانية وقال: فلم خصص اللام بالابتداء وكان من الممكن أن يبدأ بالباء والتاء والدال والسين، فتحير الجد فقال: بدئ اللام لأنه يتفق بالألف صورة وسيرة (٥) - إلى آخر ذلك من الخرافات -

وهل لقائل أن يقول وسائل أن يسأل عن هؤلاء الأعاجم: أي اتفاق بين الألف واللام صورة وسيرة إنتبه له ذلك الطفل الصغير الذي لم يبلغ الثالثة أو الرابعة من العمر، والذي لم يعرفه معلموا الألسنة ومهرتها ولم ينتبهوا إلى هذه الخرافة، ومادونها خرافة.

وفي أول يوم من تعليمه عرفه ذلك الصغير كأن القوم يريدون تشبيه زعيمهم بالأنبياء والرسل حيث أنهم يعلمون بدون تعليم الخلق إياهم بل وأكثر من ذلك يحاولون أن يزيدوه عليهم ويرفعوه فوقهم "عياذا بالله" حيث إنه لم ينقل عن واحد منهم في الروايات الصحيحة والكتب المعتمدة مثل هذا التنقيب والتحقيق، والتفحص والتعمق - حسب مزاعمهم - اللهم إلا ما نقل في المرويات المرميات والكتب القصصية الخيالية من المفتريات على البعض.

وفعلا هذا ما قصدوه، وهذا ما يريدونه لأنهم كتبوا قبل بيان هذه القصة قصصها مثلها بأن أحمد رضا لم يكن يحتاج إلى تعليم المعلمين وتدريس المدرسين لأن الله نفسه علمه منذ ولادته أو لعله قبل ولادته؟ وقد صرح بذلك ناسجوا الخيال حيث يقول واحد منهم قبل ذكر هذه القصة: إن عالم الغيب ملأ قلبه وروحه، ذهنه وفكره من الإيمان واليقين، وملأ صدره المبارك من العلوم والمعارف وجعله خزينة لها، ولأجل ذلك مشى الحضرة الأعلى رضي الله تعالى عنه ظاهرا في طرق عالم الأسباب (٦).


(١) ((تذكرة علماء هند)) (٦٤).
(٢) ((حياة أعلى حضرة)) (١/ ١).
(٣) ((البريلوي)) للبستوي (٢٥).
(٤) ((من هو أحمد رضا)) للقادري (١٥).
(٥) ((البريلوي)) للبستوي (٢٦،٢٧) ((أنوار رضا)) (٣٥٥) وغيرهما من الكتب.
(٦) ((البريلوي)) للبستوي (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>