فأما البدايات التي بنوا عليها فإنه لما كان مقصودهم الإلحاد تعلقوا بمذهب الملحدين مثل زرادشت ومزدك فإنهما كانا يستحلان المحظورات، وما زال أكثر الناس مع إعراضهم لا يدخلون في حجر يمنعهم إياها، فلما جاء نبينا صلى الله عليه وسلم فقهر الملك ومنع الإلحاد أجمع جماعة من الثنوية والمجوس والملحدين ومن دان بدين الفلاسفة المتقدمين، فأعملوا آراءهم وقالوا:" قد ثبت عندنا أن جميع الأنبياء كذبوا ومخرقوا على أممهم وأعظم كل بلية علينا محمد، فإنه نبغ من العرب الطغام، فخدعهم بناموسه، فبذلوا أموالهم وأنفسهم ونصروه، وأخذوا ممالكنا، وقد طالت مدتهم. والآن قد تشاغل أتباعه؛ فمنهم مقبل على كسب الأموال، ومنهم على تشييد البنيان، ومنهم على الملاهي، وعلماؤهم يتلاعبون ويكفر بعضهم بعضا، وقد ضعفت بصائرهم، فنحن نطمع في إبطال دينهم، إلا أنا لا يمكننا محاربتهم لكثرتهم، فليس الطريق إلا إنشاء دعوة في الدين والانتماء إلى فرقة منهم، وليس فيهم فرقة أضعف عقولا من الرافضة، فندخل عليهم نذكر ظلم سلفهم الأشراف من آل نبيهم، ودفعهم عن حقهم، وقتلهم، وما جرى عليهم من الذل لنستعين بها على إبطال دينهم " ... فتناصروا، وتكاتفوا، وتوافقوا، وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق. وكان لجعفر أولاد، منهم إسماعيل هذا، وكان يقال له: إسماعيل الأعرج. ثم سوّل لهم الشيطان آراء ومذاهب، أخذوا بعضها من المجوس، وأخذوا بعضها من الفلاسفة. ومخرقوا على أتباعهم، وإنما قصدهم الجحد المطلق، لكنهم لما لم يمكنهم توسلوا إليه. فقد بان لك لما ذكرت من البدايات التي بنوا عليها- الباعث لهم على ما فعلوا من نصب الدعوة.