السادس: أنهم لقبوا بهذا نسبة إلى رجل من دعاتهم يقال له:"حمدان بن قرمط". وكان حمدان من أهل الكوفة يميل إلى الزهد، فصادفه أحد دعاة الباطنية في طريق وهو متوجه إلى قرية وبين يديه بقر يسوقها، فقال حمدان لذلك الداعي وهو لا يعرفه: أين تقصد؟ فسمى قرية حمدان، فقال له: اركب بقرة من هذه البقر لتستريح من المشي، فقال: إني لم أؤمر بذلك، فقال: كأنك لا تعمل إلا بأمر؟ قال: نعم، فقال حمدان: وبأمر من تعمل؟ قال: بأمر مالكي ومالكك ومالك الدنيا والآخرة، فقال: ذلك الله عز وجل، قال: صدقت، قال: وما غرضك في هذه البقعة؟ قال: أمرت أن أدعو أهلها من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة، وأستنقذهم من ورطات الذل والفقر، وأملكهم ما يستغنون به عن التعب والكد، فقال له حمدان: أنقذني أنقذك الله، وأفض علي من العلم ما تحييني به، فما أشد حاجتي إلى ذلك، فقال: ما أمرت أن أخرج السر المكنون إلى كل أحد إلا بعد الثقة والعهد إليه، قال حمدان: فاذكر عهدك فإني ملتزم به، فقال: أن تجعل لي وللإمام على نفسك عهد الله وميثاقه أن لا تخرج سر الإمام الذي ألقيه إليك، ولا تفشي سري أيضا. فالتزم حمدان عهده، ثم اندفع الداعي في تعليمه فنون جهل حتى استدرجه واستغواه، واستجاب له في جميع ما دعاه إليه، ثم انتدب للدعوة وصار أصلا من أصول هذه البدعة، فسمى أتباعه القرمطية.
وأما تسميتهم بالخرمية: فإن " خرم " لفظ أعجمي ينبئ عن الشيء المستلذ الذي يشتهيه الآدمي. وكان هذا لقبا للمزدكية وهم أهل الإباحة من المجوس، الذين نبغوا في أيام قباذ، فأباحوا المحظورات فلقب هؤلاء بلقب أولئك لمشابهتهم إياهم في اعتقادهم ومذهبهم.
وأما تسميتهم بالبابكية: فإن طائفة منهم تبعوا "بابك الخرمي" وكان قد خرج في ناحية أذربيجان في أيام المعتصم فاستحل، فبعث إليه المعتصم الإفشين فتخاذل عن قتاله وأضمر موافقته في ضلالته، فاشتدت وطأة البابكية على المسلمين ... إلى أن أخذ بابك وقتل.
فأما تسميتهم بالمحمرة فيذكر عنهم أنهم صبغوا الثياب بالحمرة أيام بابك، وكانت شعارهم.
وأما تسميتهم بالسبعية، فإنهم قد زعموا أن الكواكب السبعة مدبرة للعالم السفلي.
وأما تسميتهم بالتعليمية، فإن مبدأ مذاهبهم إبطال الرأي، وإفساد تصرف العقل، ودعوة الخلق إلى التعليم من الإمام المعصوم وأنه لا مدرك للعلوم إلا بالتعليم.