للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: التعريف بالتقية ومكانتها عند الرافضة الاثني عشرية:]

التقية في اللغة يراد بها الحذر. يقال: توقَّيت الشيء أي حذرته.

والتقية في مفهوم الشيعة معناها: أن يظهر الشخص خلاف ما يبطن. أي أن معناها: النفاق والكذب والمراوغة والبراعة في خداع الناس، لا التقية التي أباحها الله للمضطر المكره (١).

وقد ذمهم في هذا الموقف بعض علمائهم الذين يحبون الإنصاف، فهذا الدكتور موسى الموسوي يقول: (لقد أراد بعض علمائنا –رحمهم الله- أن يدافعوا عن التقية، ولكن التقية التي يتحدث عنها علماء الشيعة وأمْلَتْها عليها بعض زعاماتها هي ليست بهذا المعنى إطلاقا، إنها تعني أن تقول شيئاً وتضمر شيئاً آخر، أو تقوم بعمل عبادي أمام سائر الفرق وأنت لا تعتقد به، ثم تؤديه بالصورة التي تعتقد به في بيتك" (٢).ونجد مصداق هذا في أصح الكتب عندهم حيث يروي الكليني عن أبي عبد الله أنه قال: (خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم بالجوانية) (٣).

وللتقية عند الشيعة مكانة مرموقة، ومنزلة عظيمة فقد اعتبروها -على حسب المفهوم السابق عندهم- أصلاً من أصول دينهم لا يسع أحداً الخروج عنها، وقد بحثوها في كتبهم كثيراً، وبينوا أحكامها وما ينال الشخص من الثواب الذي لا يعد ولا يحصى ولا يصدق لمن عمل بها، وعامل الناس بموجبها فخدعهم وموه عليهم، وكم تأثر الناس وانخدعوا بحيل هؤلاء الذين جعلوا التقية مطية لهم.

ولبيان منزلة التقية عند الشيعة نورد الأمثلة التالية:

- التقية أساس الدين، من لا يقول بها فلا دين له. روى الكليني عن محمد بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القيام للولاء فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: "التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له" (٤).وفيما يرويه عن أبي عبد الله أنه قال لأبي عمر الأعجمي: يا أبا عمر، بل وصل اعتناؤهم بالتقية إلى حد تأويل الآيات عليها، مثل قوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ [فصلت: ٣٤] قال أبو عبد الله - كما زعم الكليني -: (الحسنة: التقية: والسيئة: الإذاعة) (٥).اعتقدوا أن التقية عز للدين، ونشره ذل له. كما روى الكليني عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله: "يا سليمان، إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله" (٦).


(١) انظر: ((الخطوط العريضة)) (ص٧)، ((الشيعة في الميزان)) (ص٨٦)، ((الشيعة وتحريف القرآن)) (ص٣٦).
(٢) انظر: ((الشيعة والتصحيح)) (ص٥٢).
(٣) ((الكافي)) (٢/ ١٧٥).
(٤) ((الكافي)) (٢/ ١٧٤).
(٥) ((الكافي)) (٢/ ١٧٣).
(٦) ((الكافي)) (٢/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>