للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الخامس: الطقوس الوثنية فيها]

إن الوثنية في العالم بدأت بتقديس الصالحين والغلو فيهم وتعظيم مواطن عباداتهم ومجالسهم، أو تعظيم قبورهم ومشاهدهم، كما حصل ذلك في قوم نوح عليه السلام، وكذلك بدأت الوثنية في العرب بتعظيم أحجار الحرم، حيث كان العربي ينقل معه إلى باديته حجراً من أحجار الحرم ليتبرك به ويطوف حوله كونه من بيت الله الحرام، ثم تطور الحال فصارت تلك الأحجار أصناماً تعبد من دون الله تعالى، ولهذا نهي العلماء عن تقبيل القبور والتمسح بها والتبرك بها، وحتى مروجوا زيارة هود قد نصوا على ذلك، كما في " بذل المجهود " و " وسيلة الصب الودود " ومقدمتها لحسنين محمد مخلوف، وغير ذلك من كتبهم، ولكن النظرية شيء والتطبيق شيء آخر، ولذلك ظهرت بعض الطقوس الوثنية في هذه الزيارة.

منها دعاء نبي الله هود من دون الله، ودعاء غيره أيضاً، ومنظموا هذه الزيارة يشجعون على ذلك، ففي فترة التحريض على الزيارة، كثيراً ما يرددون هذين البيتين:

هود النبي المرسل ... في واد الأحقاف قبر صحيح

سر وزره واحذر تكسل ... واطلب مرادك منه حول الضريح

إذ يحثون الناس على طلب مرادهم من هود عند ضريحه!!. كما أن هناك دعاء لكبار أوليائهم، وذلك منظم ومرتب ترتيباً خاصاً، في زيارة كل واحد من أولئك الأولياء (أي حينما يزور أحفاده القبر) يدعو الأتباع لذلك الولي يقول الصبان وهو يصف الزيارة ومراسمها: (ثم يأتي دور – يا شيخنا يا بن سالم – و – يا شيخنا يا سقاف – توسلات ونداءات). (١)

قلت: وكذلك يقولون كما حكى لي الثقات ممن كانوا يحضرون هذه الزيارة.

(يا نبي الله جئنا إليك .... والمنشر علينا والمرجع عليك).

وحيناً (يا عيدروس ... يا عيدروس المسمى ... يا عيدروس).

وحيناً (أبو بكر بن سالم ... خاطرك اليوم معنا).

وحيناً (شيخنا يا حداد ... ساعة من العفا).

وحيناً (شي لله يا عمر) يقصدون عمر المحضار، وتارة (يا شهاب الدين يا أحمد). كل هذه الدعوات لغير الله تعالى، على مسمع ومرأى من علماء القوم ووعاظهم ومناصبهم وحبايبهم دون أي إنكار، وهم قادرون على ذلك لو أرادوا، بل قد فعلوا حينما دعت حاجتهم لذلك، قال في تذكير الناس: (ومن عادة أهل تريم أنهم يتوسلون بالسلف في مرازحهم، فوقعت مرزحة في طريقهم لزيارة نبي الله هود ومعهم (غرامة) (٢) وليست له عقيدة صالحة في أحد، فلم يدروا ما يقولون، فقال لهم الحبيب عبد الله بن حسين بلفقيه قولوا: (سبحان من لا يفنى ولا يزول ملكه)، فالكل متفقون على ذلك إذن.

ومنها التمسح بما يزعم أنه القبر وما حوله: يقول الأستاذ صلاح البكري: (وفي وسط القبة يقوم بناء مستدير كقاعدة سميكة فوق صخرة ويظن أن المكان هو الذي انشقت فيه الصخرة، وقد صقلت هذه الصخرة آلاف الأيدي التي مرت عليها، وآلاف الشفاه التي قبلتها).


(١) انظر ((كرامة سليمان)) (ص٢٩٤)
(٢) وهو أحد حكام تريم ممن تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>