للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثامن: النهج الباطني عند النقشبندية والصوفية وزعم عثمان سراج الدين النقشبندي أن للقرآن ظاهرا وبطنا وظهر ظهر وبطن بطن وهكذا إلى ما لا يعلمه الا الله (١). وفسر قوله تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ [الحجر:٢٦] أي أوجدنا كل فرد من أفراد الإنسان الباطني وهو مجرداته الخمسة: القلب والروح والسر والخفي والأخفى» (٢).وقال بهاء الدين نقشبند في قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: ١] , «أي أعطيناك شهود الأحدية في الكثرة» (٣).وفسر عبد الرزاق النقشبندي بِسْمِ اللَّهِ [النمل:٣٠] أي باسم الإنسان الكامل (٤).والكمال الإنساني عندهم مرآة للكمال المحمدي. والكمال المحمدي مرآة للكمال الإلهي. ولا يتجلى الحق إلا من خلف حجاب الكمال المحمدي إذ هو الواسطة العظمى التي لا كمال إلا بها (٥).وفسر مشايخ النقشبندية قوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن: ٢٩] , بمعنى أن العبد بعد الفناء يبقى في الله فيصير مظهر تجليات أسماء الأفعال ويجد في نفسه آثار الأسماء الكونية ويحصل له حظ من كل اسم (٦).وفسر الكردي قوله تعالى: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر: ٣٢] , الظالم لنفسه أي من منع نفسه عن اللذات وما أعطاها مرادها فصار مستعدا لقبول الفيض الإلهي وحينئذ يكون مقدما على المقتصد وعلى السابق بالخيرات. وهذا تحريف للقرآن وهو عمل اليهود. وقد صرح الحافظ ابن حجر بأن تحريف معاني النصوص موجود بكثرة عند اليهود (٧).وفسروا الآية إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر: ١٠] , أي يصعد من القلوب أنوار الذكر وأنوار نازلة من العرش على قلبك، فإذا فني وجودك الجسماني عن شهودها من النور إلى النور فتصعد منك وتنزل منه» (٨).وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمط الأذى عن الطريق)) (٩) قال بهاء الدين نقشبند: «الأذى معناه أذى النفس والطريق طريق الحق» (١٠).وقوله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف: ٢٤] , أي إذا نسيت غيره وحمل الآية على معنى الفناء في الله (١١).وقوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر: ١٦] , المراد من (الملك) قلب السالك حين يتجلى الله سبحانه للقلب بقهر الأحدية لا يترك فيه شيئا غيره فيلقي اليه صدى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فإذا لم ير في تلك المملكة غيره يجيب تعالى بنفسه بالضرورة بقوله: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: ١٦] , ويسمع صدى (سبحاني ما أعظم شأني) و (أنا الحق) و (هل في الدارين غيري) (١٢).


(١) ((تفسير سورة التين)) (ص ٥) طبعة؟ كتب عليها «يوزع مجانا عن روح إبراهيم ومحاسن وناريمان فولادكار».
(٢) ((تفسير سورة التين)) (٢٦) ((الحدائق الوردية في أجلاء الطريقة النقشبندية)) (١٧١).
(٣) ((المواهب السرمدية)) (١٦٢) ((الأنوار القدسية)) (١٦٢) ((رشحات عين الحياة)) (١٧٤ و١٨٦).
(٤) ((رشحات عين الحياة)) (١٢١).
(٥) ((نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان)) (٢٦) (٣٤ حسب الترقيم الخطأ).
(٦) ((المواهب السرمدية)) (١٦٢).
(٧) ((فتح الباري)) (١٣/ ٥٢٤).
(٨) ((نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان)) (٨١).
(٩) رواه أحمد في ((المسند)) (١٩٨١٠) (٤/ ٤٢٣) من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه, وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن من أجل جابر بن عمرو الراسبي, وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (١٣٩٠).
(١٠) ((الحدائق الوردية)) (ص ١٣١).
(١١) ((البهجة السنية في آداب الطريقة الخالدية العلية النقشبندية)) (٥٣) لمحمد بن عبد الله الخاني ط: مكتبة الحقيقة بتركيا.
(١٢) ((رشحات عين الحياة)) (١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>