للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: حقيقة حياة النبي صلى الله عليه وسلم]

قال الصيادي: «وأما بشأن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حي في قبره، منعم متصرف كتصرفه حال حياته، متصرف - وهو فيه - بالعالم العلوي والسفلي. (١) وهو حي سميع يأكل ويشرب ويتنعم. وأن أهل الكشف من خواص هذه الأمة انكشف لهم ذلك في العالم الروحاني لا الجسماني». (٢) وأكد على أن كل الأولياء من المتصوفة: «يرونه صلى الله عليه وسلم ويسمعون خطابه الكريم، وأن الفرق بين الولي وبين غيره هو سماع خطابه المبارك وعدمه. (٣)

وبنى على هذا أن الاستمداد من الأموات أولى وأحرى بالإجابة من الاستمداد بالأحياء، وذلك لتصرفهم في قبورهم. قال: «وعلى هذا فالاستمداد من الأموات أسرع عندي لقضاء الحاجة. (٤)

وهذا من قبس التشيع، فإن الشيعة يرجون من الأموات ما لا يرجون من الحي الذي لا يموت. وهو سم شركي دس في قالب تصوف يقتل التوحيد في النفوس ويجعلها تعتقد في غير الله ما لا تعتقده في الله. وانظر إلى آثار هذا الشرك في كلام الصيادي وأشعاره الذي يستغيث الله تارة ويسترحمه ويستعينه فيقول (٥):

رحيم فكن عوني وغوثي وراحمي ... ويا مالك ملك فؤادي بالذكر

ثم يطلب الرحمة والعون والغوث من غيره فيسألها النبي نافيا أن يجد العون والنصرة من غيره قائلاً (٦):

رسول الرضى أدرك عبيدك بالبشرى ... تكرم تحنن جد تعطف أبا الزهرا

علمتك يا مولاي ذخري وناصري ... وعوني في الدنيا وذخري في الأخرى

وأنت عياذي والنصير وموئلي ... كفى بك يا سيف القضا ذخرا

غوثاه يا سيد السادات خذ بيدي ... فلن أرى لي أعوانا وأنصارا

ويقول (٧):

غوثاه يا مصطفاه انظر بمرحمة ... عصابة قد أضرتها خطاياها

ويا أبا القاسم الغوث الغياث فقد ... ضاقت بنا الأرض أقصاها وأدناها

ويلح على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله مزيدا من الرحمة والعون والحماية والنصرة فيقول (٨):

أنت الذي لولاك ما كان الورى ... ولغير فهمك سره مجهول

يا روح كل الكائنات ومن به ... من غير شك يحصل المأمول

يا غوث كل العالمين وهيكل الـ ... ـمدد المتين إذا ألم مهيل

ها أنت نصرة عاجزٍ مثلي أتاك ... له ببكاء تلهف وعويل

وارحم عبيدا حين يحشر في غد ... من غير حبك ما لديه فتيل

وحماك رحماك الغياث فإنني ... ما لي وحقك عن حماك عدول

فأغث بفضلك واكفني هم الزمان ... ففيك فيه على بنيه أصول

وارحم إذا داعي الحساب دعا فأنت ... المرتجى والسيد المأمول

واشمل بعطفك والدي وإخوتي ... وبني إذ بك للمراد حصول

واعطف على أهلي وكل عشيرتي ... عطفا به عند الرجاء قبول

ها أنت كالئا إذا الباغي بغى ... ولحفظنا يوم الكروب كفيل

ويجعل منه روح ذرات الكون وأصل سر الوجود ويزداد إلحاحا في طلب الرحمة والعون منه فيقول (٩):

لولاه لم يكن الوجود ولا درى ... كل العبيد تفرد المعبود

لولاه ما رفعت بقبتها السما ... ء ورصعت من أنجم بعقود

هو روح ذرات العوالم كلها ... ذو المعجزات وذو اللوا المقصود

أدعوك دعوة مستجير لائذ ... بعريض جاهك من جفا وصدود

فلأنت غوث العاجزين وذخرهم ... ومجيرهم من وهدة التنفيذ

يا خير من قصد العفاة رحابه ... وأتاه صاحب مقصد بقصيد

ضاقت علي مذاهبي فامنن علي ... ضعفي بإحسان يغيظ حسودي

وانظر بعين الرفق كسري واكفني ... هم الزمان ووصمة التنكيد

المصدر:الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص١٣٧ - ١٤١


(١) ((نور الإنصاف)) (١٤ – ١٥).
(٢) ((قلادة الجواهر)) (١٠٥ – ١٠٦)، ((ضوء الشمس)) (١/ (١٧٦.
(٣) ((ضوء الشمس)) (١/ ١٧٨).
(٤) ((نور الإنصاف)) (ص ١٦).
(٥) ديوان ((الفيض المحمدي والمدد الأحمدي)) (٧ ط): مطبعة الجوائب (١٢٩٨) تركيا.
(٦) ((ديوان الفيض المحمدي)) (٦٧، ٣٨).
(٧) ((صريح الكلام في حكم عالم المنام)) (ص١٩٥) (ضمن مجموعة أشرف الوسائل).
(٨) ديوان ((الفيض المحمدي)) (٣٩ – ٤٠).
(٩) ((التاريخ الأوحد)) للغوث الرفاعي الأمجد ط: المطبعة المحروسة ١٩٣١ - مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>