للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم]

ترتبط بداية المذهب الدرزي بثلاثة من الدعاة هم: حمزة بن علي بن أحمد الزوزني ويعرف باللباد، والحسن بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأخرم، ومحمد بن إسماعيل الدرزي المعروف بـ (أنوشتكين أو نشتكين).

والمؤرخون مختلفون في ترتيب أسبقيتهم في الدعوة الجديدة، ومع أن اسم الدروز مرتبط باسم (الدرزي)، إلا أن بعضهم يجعل البداية لحمزة – وهو الأرجح كما سنرى – والبعض الآخر يجعلها لمحمد الدرزي.

أما الدروز فيعتبرون حمزة هو مؤسس المذهب وهو الإمام، وأن الدرزي قد حاد عن تعاليم حمزة، وأنه كان أحد أتباعه، مما جعل حمزة يهاجمه في كثير من رسائله، لذلك فإن الدروز يكرهون الدرزي هذا ويلعنونه.

أما الأخرم فالأرجح أنه كان داعيًا من دعاة حمزة في أول ظهوره. ولكي نعطي لمحة وافية عن هؤلاء الدعاة، نتحدث عن كل واحد منهم، ونبدأ بحمزة بن علي: حمزة بن علي بن أحمد الزوزني: (ولد حمزة في مدينة (زوزن) في خراسان مساء الخميس في الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة ٣٧٥ هـ، وهو اليوم الذي ولد فيه الحاكم بمصر، ولعل ذلك هو السبب في أن الدروز يقيمون الصلاة الأسبوعية مساء كل خميس) (١).واختلف المؤرخون في زمن وفوده إلى مصر، فالبعض منهم يجعلها متقدم كثيرًا في سنة ٣٩٥ هـ، حيث كان عمره عشرين عامًا) (٢).وغالبية المؤرخين تجعل موعد قدومه حوالي سنة ٤٠٥ هـ أو قبلها بقليل) (٣).وانتظم حمزة بين الدعاة الإِسماعيليين الذين كانت تغص بهم القاهرة يومئذ، ويرجح الدكتور محمد كامل حسين أنه لم يكن من الدعاة، بل كان يؤدي عملاً في القصر، وكان على اتصال دائم بالحاكم، ويضيف قائلاً: (ويغلب على ظني أن حمزة كان أحد الخدم الخصوصيين للحاكم، وكان خادمًا ذكيًا لبقًا ذا حيلة ودهاء وخيال خصب، وكان بحكم عمله في القصر يستمع إلى مجالس الحكمة التأويلية فوعاها وحفظ منها كثيرًا، وربما قرأ كتب الدعوة التي كانت بالقصر فأفادته في تلوين عقليته وتوجيه أفكاره إلى ما يرضي طموحه ويحقق آماله، وظل هذه السنوات يهيئ نفسه لذلك) (٤).ومما يؤكد هذا الرأي ركاكة ألفاظه في رسائله – إذ كما يقول الدكتور محمد كامل حسين: - (لم يكن من الكتاب لأن أسلوبه في رسائله وكتبه ليس به هذا الإشراق، وتلك الديباجة، وهذه الرصانة، التي عرفت عن كتاب الفاطميين ودعاتهم) (٥).لذلك – وكما يقول الأستاذ عبد الله النجار -: (تنم من تعابيره كلمات فارسية دخيلة على أسلوب الإنشاء العربي) (٦).وتقول بول هنري بوردو عن حمزة وأهدافه البعيدة: (وكان حمزة في الحقيقة داهية دهياء متعمقًا في المباحث الدينية القديمة، وأن العقائد التي نادى بها تدل تمامًا على أنها ذات العقائد التي كان ينادي بها المقنع الخراساني (٧)، هذا اليهودي الذي هاج في خراسان سنة ١٦٠ هـ) (٨).


(١) عبد الله النجار: ((مذهب الدروز والتوحيد)). (ص ١٢٣).
(٢) أحمد الفوزان: ((أضواء على العقيدة الدرزية)). (ص ٢٨).
(٣) خير الدين الزركلي ((الأعلام)). (ص ٣١٠) – ومحمد عبد الله عنان: ((الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية))، (ص ١١٣) – وأحمد عطية: ((القاموس الإسلامي))، (٢/ ١٥٦).
(٤) محمد كامل حسين: ((طائفة الدروز)) (ص ٧٦).
(٥) محمد كامل حسين: ((طائفة الدروز)) (ص ٧٦).
(٦) عبد الله النجار: ((مذهب الدروز والتوحيد))، (ص ١٢٣ – ١٢٤).
(٧) هو المقنع الخراساني الحاولي، الذي اتخذ لنفسه وجها من الذهب، فلم ينزعه قط، لئلا يطلع الناس على وجهه المشوه، وكان يدعي أن الله تعالى قد حل في نفسه بالانتقال والمناسخة.
(٨) بول هنري بوردو: ((أميرة بابلية لدى الدروز)): (ص ٢٦ – ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>