[المطلب الثاني: المراقبة عند القبور]
العكوف والمراقبة إلى القبور من سمات أكابر علماء الديوبندية.
فقد ذهب الشيخ خليل أحمد السهارنفوري (١٣٤٦هـ) مؤلف (المهند على المفند)، و (بذل المجهود)، وأحد كبار أئمة الديوبندية بمرافقة الشيخ أشرف على التهانوي الملقب عند الديوبندية بحكيم الأمة الديوبندية (١٣٦٢هـ) إلى ضريح الخواجة معين الدين الأجميري إمام الصوفية الجشتية (٦٢٧هـ) وبمجرد وصوله إلى قبره جلس إلى القبر مراقباً، واستغرق في المراقبة إلى حد لم يشعر بما جرى وبما يجري، والناس كانوا يسجدون إلى القبر ويطوفون به ويرتكبون أنواعاً من الشرك.
قلت: مع هذا الشرك البواح لم تتمعر جباه هؤلاء الأئمة، ولم ينكروا على هؤلاء الوثنية الذين جعلوا هذا القبر وثناً يعبدونه من دون الله بكلمة واحدة؛ بل جلس هذا الإمام للمراقبة إلى القبر لأن هذا كان يهمه وقد فعل!
وقد صرح الشيخ رشيد أحمد الجنجوهي (١٣٢٣هـ) الإمام الثاني للديوبندية بأن الشيخ الحاج (أظنه إمداد الله ١٣١٧هـ شيخ الديوبندية) قد جلس مراقباً إلى قبر الحضرة قلندر إلى آخر القصة التي فيها عبرة ونكال.
ومن العجب العجاب أن أئمة الديوبندية قد يذكرون هذه الأساطير الوثنية بدون أي إنكار على أنها وحي من السماء؟! بل يعدونها من أعظم المناقب وأكبر الكرامات سبحان قاسم العقول!!!
وكل هذا من آفة التصوف والجهل بحقيقة توحيد الأنبياء والمرسلين.
ومن ذلك كله يقول الديوبندية إن أئمتنا جمعوا بين الشريعة والطريقة وجعلوا الطريقة خادمة للشريعة، وأخذوا لب التصوف وتركوا قشره، ونظفوا التصوف من كل باطل وخرافة، وأخذوا التصوف النقي الطاهر
المصدر:جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية لشمس الدين السلفي الأفغاني-٢/ ٧٨٨ - ٧٩٠
وذكر الشيخ محمد الثاني الحسني في كتابه (سيرة محمد يوسف):
"إن الشيخ محمد إلياس كان يجلس في أكثر الأحيان خلف قبر عبدالقدوس الكنكوهي - رئيس الطريقة الجشتية الصابرية- وكان يجلس في الخلوة قرب قبر نور سعيد البدايوني، ويصلي بالجماعة هناك".
كما ذكر محمد أسلم الباكستاني عن سردار محمد الباكستاني أنه قال:
"ضللت في جماعة التبليغ عشر سنوات تقريباً، وكثيراً ما ذهبت مع الشيخ محمد يوسف الدهلوي أمير جماعة التبليغ في ذلك الوقت قريباً من نصف الليل إلى قبر محمد إلياس في محلة نظام الدين مقر الجماعة بدهلي، فكنا نجلس حول قبره وقتاً طويلاً في حالة المراقبة، ساتري الرؤوس".
قال: "وكان الشيخ محمد يوسف يقول: إن صاحب هذا القبر شيخنا محمد إلياس يوزع النور الذي ينزل من السماء في قبره بين مريديه حسب قوة الارتباط والتعلق به.
وكذلك كنا نجلس أيضاً على قبر الشيخ عبد الرحيم رأي فوري في هيئة المراقبة.
وكان الشيخ محمد يوسف يجلس مراقباً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم عدة ساعات خلال إقامته في المدينة المنورة".
المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص١٣٢، ١٣٣