للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - القدر]

الخوارج في مسألة القدر ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى منهم ذهبت إلى القول بإنكار القدر، والقول بخلق الإنسان لأفعاله الاختيارية، وهم بهذا الرأي يذهبون إلى قول القدرية.

وتضم هذه الطائفة من فرق الخوارج الميمونية، والحمزية، والحارثية، والشبيبية. وقد ذهبت الميمونية إلى القول بأن الله تعالى لما خلق الخلق أودع فيهم القدرة على اختيار كل ما يريدون من أفعال وأعمال ليس لله مع مشيئتهم مشيئة، فهم الخالقون لأفعالهم خيرها وشرها دون أن يكون لله في ذلك أي أثر. قال الأشعري عنهم: " والذي تفردوا به القول بالقدر على مذهب المعتزلة، وذلك أنهم يزعمون أن الله سبحانه فوض الأعمال إلى العباد وجعل لهم الاستطاعة إلى كل ما كلفوا، فهم يستطيعون الكفر والإيمان جميعاً، وليس لله سبحانه وتعالى في أعمال العباد مشيئة وليست أعمال العباد مخلوقة لله " (١).ومثل هذا ما أورده البغدادي عنهم (٢)، ويقول عنهم الشهر ستاني: "الميمونية أصحاب ميمون بن خالد، كان من جملة العجاردة، إلا أنه تفرد عنهم بإثبات القدر خيره وشره من العبد، وإثبات الفعل للعبد خلقاً وإبداعاً، وإثبات الاستطاعة قبل الفعل، والقول بان الله تعالى يريد الخير دون الشر وليس له مشيئة في معاصي العباد" (٣).وبمثل قول الميمونية في القدر قالت الحمزية، فصارت هذه الفرقة قدرية، وهم ينسبون إلى زعيمهم حمزة بن أكرك الذي كان في الأصل من العجاردة الخازمية، فلما قال في القدر بقول القدرية أكفرته الخازمية وتبرأت منه (٤).وقد خرجت عن فرقة الإباضية فرقة تسمى الحارثية أتباع حارث الإباضي، هذه الفرقة قد مالت إلى القدرية فقالوا بقولهم مخالفين سائر فرق الإباضية، فيذكر الأشعري عنهم أنهم " قالوا في القدر بقول المعتزلة وخالفوا فيه سائر الإباضية" (٥)، ولكن" أكفرهم سائر الإباضية في ذلك " (٦).وممن قال في القدر بقول القدرية من الخوارج أيضاً الشبيبية، وهم أتباع شبيب، فقد قالت هذه الفرقة بقول المعتزلة، فبرئت منهم البيهسية وكانت تقول: " إن الله تعالى فوض إلى العباد، فليس لله في أعمال العباد مشيئة" (٧).الطائفة الثانية: وهم الذين ذهبوا إلى القول بالجبر كما قال جهم بن صفوان، وهم طائفة من الأزارقة زعموا أن العبد مجبر على أفعاله، وأنه لا استطاعة له أصلاً، وقد ذكرهم ابن حزم ووصفهم بأنهم يوافقون قول جهم بن صفوان في هذا الباب (٨).ومثل هذه الطائفة من الأزارقة فرقة الشيبانية، فإنها تقول بالجبر أيضاً كالجهم فيما يذكر الشهرستاني عنهم بقوله: "ومن مذهب شيبان أنه قل بالجبر ووافق جهم بن صفوان في مذهبه إلى الجبر" (٩).


(١) ((المقالات)) (١/ ١٧٧).
(٢) ((الفرق بين الفرق)) (ص٢٨٠).
(٣) ((الملل والنحل)) (١/ ١٢٩).
(٤) ((المقالات)) (١/ ١٧٧)، ((الفرق بين الفرق)) (ص ٩٨).
(٥) ((المقالات)) (ص ١٨٤)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٣٦).
(٦) ((الفرق بين الفرق)) (ص ١٠٥).
(٧) ((المقالات)) (١/ ١٩٤)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٢٧).
(٨) ((الفصل)): (٣/ ٢٢).
(٩) ((الملل والنحل)) (١/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>