تشكل النزعة المذهبية – أيّاً كانت – مورداً من موارد الزلل والتحريف وتعد واحدة من أبرز أسباب الكذب في التاريخ، وكيف لا يكون ذلك كذلك وصاحب النزعة إنما يحاول بشكل إرادي أو لا إرادي أن يفسر الحدث وفق مشربه، ويصور الأمور كما يشتهي ويعتقد.
ولقد تطرق ابن خلدون - رحمه الله- في مقدمته للكذب في الأخبار والأسباب المقتضية، فذكر – أول ما ذكر من ذلك – النزعة للمذهب والتشيع للآراء فقال: " ولما كان الكذب متطرقاً للخبر بطبيعته وله أسباب تقتضيه، وإنما التشيعات للآراء والمذاهب، فإن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهله، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها من الانتقاد والتمحيص فتقع في قبول الكذب ونقله (١).
المصدر:نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية لسليمان بن حمد العودة
(١) [٩٧٠٣] انظر: ((مقدمة ابن خلدون)) نشر دار إحياء التراث العربي (ص ٣٥).