للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الحادي والعشرون: مسائل الشهادة والصيد والطعام: قالوا: تقبل شهادة الصبي الغير بالغ في القصاص (١)، مع أن الطفل ليس له أهلية الشهادة؛ لقوله تعالى: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ [البقرة: ٢٨٢] ولا سيما باب القصاص، الذي فيه إتلاف النفس. وقالوا: صيد أهل الكتاب حرام (٢)، وذبيحة أهل السنة ميتة (٣)، وكذا ذبيحة من لم يستقبل القبلة عند الذبح (٤)، وكل ذلك مخالف لقوله تعالى: فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ [الأنعام: ١١٨].وقالوا: لو اصطاد أحد بغير المعتاد من الآلة لا يصير الصيد مملوكاً (٥)، مع أنه لا فرق بين الآلة المعتادة وغيرها.

وقالوا: لبن الميتة وما لا يؤكل من الحيوان حلال.

وقالوا: إن الخبز الذي عجن دقيقه بماء نجس طاهر، كما ذكره الحلي في (التذكرة) (١٢٧/ ب).وقالوا: إن الطعام الذي وقع فيه ذرق الدجاج، واضمحل فيه طاهر جائز أكله (٦)، وكذا لو طبخ المرق أو نحوه بماء الاستنجاء، أو وقع فيه شيء من خرء الدجاج، وكذا ماء الغدير الذي استنجى فيه كثير من الناس، ووقع فيه دم حيض ونفاس ومذي وودي، وبال فيه كلب، فإنه طاهر يجوز استعماله لشرب وطبخ (٧)، وكذا الماء الذي كان قدر نصفه دم مسفوح أو بول حمار أو فرس، مع أن ذلك مخالف لقوله تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [الأعراف: ١٥٧].وقالوا: إن من كان جائعاً ولو غنياً، فنهب طعاماً من مالكه الذي يطلب عليه أزيد من الثمن المتعارف فأكله جاز له ذلك (٨).

المصدر:غرائب فقهية عند الشيعة الإمامية لمحمود شكري الألوسي


(١) فحكموا بجواز شهادة الغلام إذا بلغ العشر سنين كما رووه في كتبهم، ينظر ((الكافي)) (٧/ ٣٧٧) , ((تهذيب الأحكام)) (٦/ ٢٥١).
(٢) فأخرج الكليني عن إسماعيل بن جابر قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في طعام أهل الكتاب؟ فقال: لا تأكله ". ((الكافي)) (٦/ ٢٦٤).
(٣) قال المفيد في تقرير هذه المسألة في كتب القوم: " ولا تأكل من ليس على دينك في الإسلام ". ((المقنعة)) (ص٥٧١). ويعني بالدين هنا من لا يعتقد مذهب الإمامية.
(٤) وقد نسبوا الروايات في كتبهم بهذا الخصوص إلى الأئمة، فأخرج الكليني عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ذبح ذبيحته، فجهل أن يوجهها إلى القبلة؟ قال: كل منها، فقلت: فإنه لم يوجهها؟ قال: لا تأكل منها ... وقال عليه السلام: إذا أردت أن تذبح فاستقبل القبلة ". ((الكافي)) (٦/ ٢٣٣) , الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (٩/ ٥٩).
(٥) العاملي ((الدروس)) (ص ٥٧٦).
(٦) روى (شيخ الطائفة) الطوسي عن الزبير قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البئر تقع فيه الفأرة أو غيرها من الدواب فتموت، فيعجن من مائها أيؤكل ذلك الخبز؟ قال: إذا أصابته النار فلا بأس به ". ((تهذيب الأحكام)) (١/ ٤١٣) , ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ١٤).
(٧) لأن النار عندهم تطهر ما وقع في القدر من نجاسات، قال (شيخ الطائفة) الطوسي: "والنار تطهر كلما يكون في القدر من اللحم والتوابل والمرق إذا كانت تغلي، ووقع فيها مقدار أوقية دم أو أقل ". ((النهاية)) (ص ٥٨٧).
(٨) (المحقق) الحلي، ((شرائع الإسلام)) (٤/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>