للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: الختمية وحركة البعث الشيعية المعاصرة حاول الختمية أن يؤكدوا أن جذور الشيعة والصوفية واحدة، فزعموا أن كل الطرق الصوفية خرجت من مشكاة آل البيت وانتقلت من بلاد الشيعة إلى بقية أنحاء العالم الإسلامي، كما أن كبار الصوفية، في رأي الختمية مرتبطين بالشيعة وأئمتهم، فعبد القادر الجيلاني (ت: ٥٦١هـ) الذي تعود إليه كل الطرق الصوفية شريف من آل البيت سنده في الطريقة إلى الأئمة الاثنى عشر الذين هم أئمة الشيعة في كل شيء، والكرخي تلميذ الرضا، وأبو يزيد البسطامي تلميذ جعفر الصادق، ويحاول كاتب ختمي معاصر أن يزين صورة الشيعة لدى الختمية، ويبرئهم من الأصول التي يقرون بها ويذهب إلى أن أعداءهم من بني أمية وبني العباس هم الذين شوهوا صورتهم وبدأ الناس يصدقون هذه الأكاذيب حولهم – ومن هنا بدأت الجفوة المفتعلة. ويردد الكاتب مزاعم الشيعة حول طائفتهم، ويذهب إلى أن الشيعة هم الذين نقلوا لنا السنة، وروايات القرآن، وهم أعلم الناس بالعربية والأصول وبقية العلوم الشرعية، ويذهب إلى أن الخلاف مع الشيعة مجرد خلاف في وجهات النظر السياسية منذ فجر الإسلام، ولم يتصل قط بأسس العقيدة كما يظن بعض الجهال (١)، أما دعوى الكاتب بأن الشيعة نقلوا السنة وروايات القرآن الخ. . فهذا ترديد لمزاعم الشيعة الذين ادعوا بأنهم أصل العلوم الإسلامية وواضعي أسسها، وهذه لاشك دعوى باطلة لا أساس لها، وإذا كان علماء الشيعة هم أساس الحركة العلمية، فما هو دور الأئمة الأربعة في مجال الفقه والأصول، وأصحاب الصحاح الستة في مجال الحديث، والطبري في التفسير والتاريخ والواقدي وابن هشام في السيرة والخليل والأصمعي في الأدب " (٢)!! أما القول بأن الخلاف مع الشيعة مجرد خلاف في وجهات النظر السياسية، فهذا صحيح وينطبق على التشيع في بداياته الأولى، إذ كان الخلاف حول الإمامة، ولم يلبث هذا الخلاف أن تشعب وقاد في النهاية إلى تبني الشيعة آراء متعلقة بالقرآن وسلامة نصه من التحريف، والسنة ومدلولاتها وحجيتها والصحابة رضوان الله عليهم وأمانتهم في نقل هذا الدين، وتبنوا في كل هذه المسائل عقائد وآراء منحرفة عن الشرع ومخالفة لمعتقدات أهل السنة والجماعة (٣).ويؤكد الكاتب الارتباط الوثيق بين الشيعة والصوفية وتطابق المبادئ والأصول، " الحقيقة التي لابد من إدراكها أن الصوفية من أهل السنة هم الوجه الآخر للشيعة، فكلاهما مؤمن بولاية أهل البيت مقر ببيعة لإمام قائم يسعى لتطبيق الشريعة بالإضافة إلى تطابقهما في مسألة السلوك على الشيخ المرشد " (٤).وإذا كانت الأصول والمبادئ متوافقة، والغايات واحدة، فينبغي تضافر الجهود بين الفئتين من أجل البعث الإسلامي: " إن مظاهر الوعي الإسلامي تؤكد حتمية التقاء الصوفية من أهل السنة والشيعة، للتقارب العظيم في كل شيء ووحدة المصير والمبدأ والهدف " (٥)،


(١) [١٤٠٣٥])) ((الختمية، العقيدة والتاريخ والمنهج))، (ص ١٢٨).
(٢) [١٤٠٣٦])) انظر: ((ضحى الإسلام)) أحمد أمين، (ط٢)، مكتبة النهضة المصرية. موسوعة ((الحضارة الإسلامية)) أحمد شلبي، (مجلد: ٣، ط ٥)، ١٩٧٤، (ص ٢٣٣) وما بعدها. ((دراسات في تطور الحركة الفكرية في صدر الإسلام)) صالح أحمد العلي (ط١)، ١٤٠٣/ ١٩٨٣م.
(٣) [١٤٠٣٧])) انظر: ((دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين)) أحمد جلي، (١٥١ – ٢٤٤).
(٤) [١٤٠٣٨])) ((الختمية، العقيدة والتاريخ والمنهج))، (ص ١٢٧).
(٥) [١٤٠٣٩])) ((الختمية، العقيدة والتاريخ والمنهج))، (ص ١٢٨) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>